نحو 250 ألف سيارة سنوياً.. هل تصبح الجزائر قاعدة صناعية إقليمية؟

نحو 250 ألف سيارة سنوياً.. هل تصبح الجزائر قاعدة صناعية إقليمية؟

almontasher> تبرز صناعة السييارات في الجزائر كإحدى أبرز الرهانات التي تعول عليها الحكومة؛ لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على عائدات النفط، في إطار استراتيجية أشمل تستهدف تعزيز القطاعات الإنتاجية وجذب الاستثمارات الأجنبية.

و في خلال السنوات الماضية، تسارعت وتيرة الجهود الحكومية لاستقطاب شركات السيارات العالمية وتوطين سلاسل إنتاج متكاملة، تشمل السيارات التقليدية والكهربائية، بما يفتح الباب أمام فرص استثمارية واعدة، ويدعم تحقيق معدلات نمو اقتصادي مستدامة.

نمو الاستثمارات

وسجل قطاع السيارات استثمارات مليارية ونمواً ملحوظاً منذ تعديل الحكومة للإطار القانوني المنظم لهذا النشاط في شهر مايو الماضي، إذ يلزم المصنعين بتحقيق نسبة إدماج محلي لا تقل عن 10% مع نهاية السنة الثانية من بدء النشاط، لترتفع إلى 20% بنهاية السنة الثالثة، وتصل إلى 30% مع نهاية السنة الخامسة من التشغيل.

هذا التوجه يحفز دخول شركات عالمية للبلاد، مثل «فيات» التي دشنت مصنعاً بولاية وهران في ديسمبر 2023، لإنتاج 60 ألف سيارة خلال العام الجاري، ثم 90 ألف سيارة سنوياً في 2026، فيما تعمل كيا وهيونداي الكوريتان على إعادة تموقعهما بعد تعديلات القوانين المنظمة للاستثمار في القطاع.

وتخطط شركة «شيري» الصينية لاستثمار 110 ملايين دولار في صناعة السيارات بالجزائر حيث تستهدف إنتاج 24 ألف سيارة في السنة الأولى وصولاً إلى 100 ألف سيارة بعد 3 سنوات.

كذلك تعتزم شركة «جيلي» تأسيس مصنع غرب الجزائر باستثمارات 200 مليون دولار، لإنتاج 50 ألف سيارة سنوياً، في حين تعمل شركة «جاك» على إنشاء مصنع بقدرة 100 ألف سيارة سنوياً.

رؤية حكومية

وأصبحت السيارات الكهربائية جزءاً أساسياً من الرؤية الحكومية لتطوير صناعة السيارات في الجزائر، حيث تستهدف السلطات أن تمثل السيارات الكهربائية والهجينة ما لا يقل عن 20% من إجمالي الإنتاج المحلي بحلول عام 2030.

وبالإضافة إلى البعد الاقتصادي، فإن صناعة السيارات الكهربائية تحمل أبعاداً بيئية واستراتيجية، إذ تدعم خطط الجزائر للتحول نحو اقتصاد أخضر يعتمد على الطاقات النظيفة في مختلف القطاعات، بما فيها النقل.

وفي هذا السياق، تقدم الحكومة حزمة حوافز متنوعة تشمل إعفاءات ضريبية وجمركية على استيراد خطوط الإنتاج والمكونات الأساسية، فضلاً عن تسهيلات في منح الأراضي الصناعية للمستثمرين، وتمويلات ميسرة من البنوك الوطنية للمشروعات الكبرى.

قاعدة صناعية

ويقول الخبير في صناعة السيارات مراد سعدي إن الجزائر تملك اليوم فرصة حقيقية للتحول إلى قاعدة صناعية إقليمية في مجال السيارات، شريطة استمرار الدعم الحكومي وتوفير بيئة تشريعية مستقرة وجاذبة، إلى جانب تبسيط الإجراءات الإدارية التي تشكل في كثير من الأحيان عائقاً أمام تدفق الاستثمارات.

وبحسب حديث سعدي مع «إرم بزنس» فإن حجم الإنتاج المحلي الحالي يعكس بداية واعدة، حيث يُقدر الإنتاج السنوي الحالي بحوالي 100 ألف سيارة، مع توقعات بارتفاعه تدريجياً ليصل إلى 250 ألف سيارة سنوياً بحلول عام 2027، وفقاً لخطط الشركات الكبرى العاملة في الجزائر.

وتستعد ولاية النعامة لتدشين مصنع لشركة FSE الصينية المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية، بعدما زار وفد من الشركة الموقع المزمع إقامة المصنع عليه في 27 فبراير الماضي.

ويُتوقع أن تتراوح القدرة الإنتاجية للمصنع بين 50 ألفاً و200 ألف سيارة كهربائية سنوياً، ما سيساهم في تلبية احتياجات السوق الوطنية والتصدير نحو الخارج.

وتبدو انعكاسات هذه النهضة الصناعية على الاقتصاد الجزائري واعدة من عدة جوانب، تبدأ من تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على عائدات النفط والغاز، مروراً بخلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في المصانع وشبكات التوريد والصناعات المغذية، وصولاً إلى تعزيز نقل التكنولوجيا والمعرفة عبر الشراكات مع الشركات العالمية.

تحسين الميزان التجاري

ويرى الخبير الاقتصادي نبيل جمعة في حديثه مع «إرم بزنس» أن توطين صناعة السيارات يمثل أحد المسارات الحيوية التي يمكن أن تسهم في تحسين الميزان التجاري للجزائر، عبر تقليل فاتورة الاستيراد وفتح أسواق تصديرية جديدة في القارة الإفريقية والأسواق العربية.

وبحسب بيانات مصالح الجمارك الجزائرية، سجلت واردات السيارات من قبل الأفراد خلال النصف الأول من العام الماضي 351 مليون دولار لشراء 10,908 سيارات، مقارنة باستيراد 25,412 سيارة بقيمة 672 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من العام 2023.

أما السيارات المستوردة عبر الوكلاء المعتمدين، فقد بلغت 69,197 مركبة بقيمة تجاوزت مليار دولار، مقارنة باستيراد 74,405 مركبات بقيمة 1.18 مليار دولار في 2023.

وتؤدي الشراكات مع الشركات العالمية دوراً أساسياً في نقل التكنولوجيا وتطوير الكوادر المحلية، وهو ما بدأت بعض الشركات بتطبيقه عبر برامج تدريب وتأهيل للعاملين الجزائريين، وفق الخبير الاقتصادي.

المصدر:ارم نيوز

عن mcg

شاهد أيضاً

حكاية رمضان: احتفالية رمضانية تجمع بين التقاليد والحداثة في قلب بيروت

almontasher >في هذا الشهر الفضيل، يقدم “حكاية رمضان” تجربة استثنائية في منطقة “البيال” (Seaside Arena) …