فحيلي: شو عملت يا رياض … “بس لو بقيت ساكت يا إبراهيم”؟!

fheily

كتب خبير المخاطر المصرفية د. محمد فحيلي

صدق أنطون سعادة (الزعيم) عندما قال: الحياة وقفة عز فقط! عذراً يا بشير (فخامة الرئيس الشهيد)، إني أتكلم بالفلسفة وليس بالسياسة!

العز والكرامة هما ما تفتقده الطبقة السياسية عندنا في لبنان، وينشرون وباءهم، وبعد سابق إصرار وتصميم، في كل أنحاء الوطن:
١. عوضاً عن أن يُستثمر ويُوظف الدستور في صون الوطن وحماية المواطن، يكرس لحماية أركان السلطة (مثال على ذلك التحقيق في إنفجار مرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠).
٢. عوضاً أن يُحترم قانون النقد والتسليف وتُتْرك السلطة النقدية لإدارة النقد وحماية القطاع المصرفي والمودع، وظفت السلطة النقدية كل ما أُعطيت من قوة و موارد لتمويل فساد وهدر وحماية فشل الطبقة السياسية الحاكمة. بينما كنا بإنتظار تجديد العمل بأحكام التعميم ١٥١، أطل علينا مصرف لبنان بإبقاء أحكام هذا التعميم على ما هي وتعديل أحكام التعميم ١٥٨:
– تفادياً لمواجهة مع الطبقة السياسية، أو
– البعض قد يعتبرها رفضاً لإرضاء الطبقة السياسية وإعطائها مكاسب قد تستعملها في حملتها الإنتخابية. والكل يعلم بأن من طالب برفع سعر الصرف إلى ١٠٠٠٠ ل ل هو النائب إبراهيم كنعان، المرشح الأكيد في الإنتخابات البرلمانية القادمة ورئيس لجنة المال والموازنة.
النقطة الأهم هنا هي بأن السياسات النقدية لاتصدر بإستقلالية ولكن، ومنذ تشرين ال ٢٠١٩، أصبحت السياسات النقدية ليست إلا “ردات فعل” على قرارات(و/أو تمنيات) السلطة السياسية الحاكمة المتحكمة من دون الأخذ بالحسبان حقوق ومصلحة المواطن المودع. إنتقل مصرف لبنان من إعتماد “الهندسات المالية” وإمتصاص السيولة من المواطن لتأمين السيولة للسلطة الحاكمة إلى “الهندسة التعميمية” بإصدار تعاميم مربكة ومعقدة تتحول بسرعة إلى مشروع مواجهة وفتنة بين المصرف وزبائنه!

ما تم صياغته في مفردات التعميم الوسيط ٥٩٧ (لتعديل أحكام التعميم ١٥٨) جاء لتثبيت ما أسس له مصرف لبنان في تعاميم سابقة (التعميم ١٥٠)، والسلطة السياسية في مشروع موازنة ال ٢٠٢١ عن أن هناك:
– “دولار سخيف” الموجود في حسابات مكونة قبل تاريخ ٢٠١٩/١٠/٣٠ ومستمرة حتى اليوم، وهو فعلياً “دولار مقيم” وتحت الإقامة الجبرية إلى أن تُطلق سراحه السلطة السياسية من خلال خطة واضحة لإعادة هيكلة وجدولة الدين العام تحت مظلة وبرعاية صندوق النقد الدولي، ولا خيار لحكام بذلك.
– و “دولار ظريف” وهو الذي بات معروفاً اليوم ب “دولار فريش”، وهو فعلياً “دولار غير مقيم” ومحرر بمؤونة تساوي ١٠٠% منه لدى المصارف المراسلة، ولا يخضع لتوظيفات إلزامية (التي أصبحت اليوم ١٤%).

لحماية مدخراتهم من تدهور النقد الوطني، وتفادي المواجهة مع عدة مصارف بسبب الأوضاع التي برزت منذ نهاية العام ٢٠١٩، عدد كبير من المودعين باشروا إلى:
١. تحويل حساباتهم من الليرة اللبنانية إلى الدولار
٢. حصر تعاملهم مع القطاع المصرفي بمصرف واحد
٣. وعندما حط شبح ال “هيركت” وإستوطن في قلوب الناس، سارع المودعون إلى بعثرة أرصدتهم في حسابات متعددة والمحظوظ هو الذي إستطاع التوسع إلى مصارف أخرى.
جاء اليوم تعديل احكام التعميم ١٥٨ ليبارك هذه الخطوات ويكافأهم والكل يعلم بأن المحرك الأساسي لهذه الخطوات كان الخوف، وفقدان الثقة وإنعدام الإستقرار على الساحة المالية والنقدية. اليوم، وأنا صاحب الدولار ذاته، السياسات النقدية أوصلتني إلى واقع مر وهو أن دولاري، الذي إجتهدت للحصول عليه، تم تسعيره على ١٢٠٠٠ ل ل تحت احكام التعميم ١٥٨ وعلى ال ٣٩٠٠ ل ل تحت أحكام التعميم ١٥١ وتم حرماني من الدولار الفريش!

عن mcg

شاهد أيضاً

رصيف صحافة اليوم الجمعة 29اذار 2024

في النهار ..فضيحة الأجهزة المخترقة تخترق التهويل بحرب!..كان صعباً للغاية تجاهل تصعيد #إسرائيل لتهديداتها بعملية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *