في ظلّ وابل من الأزمات التي تعصف بلبنان سواءً كان سياسياً أو قضائياً أو اقتصادياً، وفي ظل غياب الأجندة الإصلاحية التي تضع البلاد على سكة النهوض، في حين تتجه الأنظار نحو الزيارة المرتقبة لوفد من صندوق النقد الدولي للبنان آذار المقبل للبحث في مراحل تلبية شروط الصندوق، ومع استمرار الاضراب العام للمصارف احتجاجاً على بعض القرارات والاستدعاءات القضائية الأخيرة وتأثيرها على انتظام العمل المصرفي، ووسط تقنين مستمر للنشاط على منصة “صيرفة”، شهدت الأسواق المالية اللبنانية هذا الأسبوع تفلتاً في سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى مستويات غير مسبوقة، بينما سلكت سوق الأسهم مسلكاً تصاعدياً، وظلت أسعار سندات اليوروبوندز عند مستويات دنيا، وفق التقرير الأسبوعي ل#بنك عوده. في التفاصيل، هوت الليرة اللبنانية إلى أدنى مستوى تاريخي لها في ظل انسداد الأفق السياسي وتعسر المسار الإصلاحي واستمرار اضراب المصارف، إذ بلغ سعر صرف الدولار 80500 ل.ل.-81000 ل.ل. للدولار الواحد مقابل 64500 ل.ل.-65000 ل.ل. للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق. وهذا ما أدى إلى اتساع الفارق بين سعر صرف الدولار في السوق السوداء وسعر منصة “صيرفة” إلى مستويات قياسية بحدود 37000 ليرة. وفي سوق الأسهم، زاد مؤشر الأسعار بنسبة 2.6% أسبوعياً في ظل استمرار الإقبال على شراء الأسهم العقارية تحوّطاً للأزمات، بينما سجّلت أحجام تداول خفيفة. وعلى صعيد سوق سندات اليوروبوندز، ظلت أسعار سندات الدين الحكومية مستقرة عند 7.125 سنتاً للدولار الواحد هذا الأسبوع وسط وضع سياسي مأزوم ومسار إصلاحي شاق وترقب لزيارة وفد صندوق النقد.
الأسواق
في سوق النقد: بلغ معدل الفائدة من يوم إلى يوم في سوق النقد نحو 40% هذا الأسبوع، علماً أنّ هذه الفائدة غير مرتبطة بحجم النقد بالليرة. ويأتي ذلك في ظل رفع الدولار الجمركي إلى 15000 ليرة للدولار الواحد ابتداءً من الأول من كانون الأول 2022 وزيادة قيمة الشيكات المتداولة بالليرة بنسبة 112% سنوياً في شهر كانون الأول الماضي. هذا وتظهر الإحصاءات النقدية لمصرف لبنان أن حجم النقد المتداول تقلص بمقدار 3248 مليار ليرة في كانون الثاني 2023 بشكل أساسي نتيجة ضخ الدولارات عبر منصة صيرفة بداية الشهر. توازياً، سجّلت الودائع المصرفية المقيمة تراجعاً طفيفاً مقداره 94 مليار ليرة. ويعزى هذا التراجع بشكل رئيسي إلى انخفاض الودائع المصرفية المقيمة بالليرة بقيمة 108 مليار ليرة وسط تقلص في الودائع الادخارية بالليرة بقيمة 583 مليار ليرة وزيادة في الودائع تحت الطلب بالليرة بقيمة 475 مليار ليرة، بينما اتسعت قليلاً الودائع المصرفية المقيمة بالعملات الأجنبية ارتفاعاً قيمته 14 مليار ليرة خلال شهر كانون الثاني (أي ما يعادل 9 مليون دولار وفق سعر صرف 1507.5 ل.ل.). في هذا السياق، تقلصت الكتلة النقدية بمفهومها الواسع (م4) بشكل لافت بقيمة 2329 مليار ليرة في كانون الثاني 2023 نتيجة الانخفاض الكبير في حجم النقد المتداول.
في سوق سندات الخزينة: أظهرت النتائج الاولية للمناقصات بتاريخ 16 شباط 2023 أن مصرف لبنان سمح للمصارف الاكتتاب بكامل طروحاتها في فئة الثلاثة أشهر (بمردود 3.50%) وفئة السنة (بمردود 4.50%) وفئة الخمس سنوات (بمردود 6.0%). من ناحية أخرى، أظهرت نتائج المناقصات بتاريخ 9 شباط 2023 اكتتابات بنحو 112 مليار ليرة في فئة الستة أشهر (بمردود 4.0%). في المقابل، بلغت الاستحقاقات زهاء 57 مليار ليرة، ما أسفر عن فائض اسمي أسبوعي بقيمة 55 مليار ليرة.
في سوق القطع: سجّل سعر صرف الدولار في السوق السوداء قفزات سريعة هذا الأسبوع، كاسراً حواجز عدة ليبلغ 80500 ل.ل.-81000 ل.ل. يوم الجمعة بالمقارنة مع 64500 ل.ل.-65000 ل.ل. للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق. ويأتي ذلك في ظل ووضعٍ سياسي مأزوم وتعسر للمسار الإصلاحي وتقنينٍ للنشاط على منصة “صيرفة” حيث ظل محصوراً بموظفي القطاع العام، واستمرار الاضراب العام للمصارف، واستنفاد احتياطيات مصرف لبنان من النقد الأجنبي. فقد أظهرت ميزانية المركزي نصف الشهرية الأخيرة المنتهية في 15 شباط 2023 تقلصاً في الموجودات الخارجية بمقدار 170 مليون دولار، ما انسحب نزيفاً مستمراً في احتياطيات المركزي السائلة من النقد الأجنبي إلى نحو 9.8 مليار دولار. توازياً، قام مصرف لبنان في 16 شباط 2023 برفع سعر صرف الدولار عبر منصة “صيرفة” من 43600 ل.ل. إلى 44100 ل.ل. عليه، بلغ الفارق بين سعر صرف الدولار في السوق الموازية وسعر منصة “صيرفة” مستوى قياسياً نحو ـ37000 ليرة لبنانية في نهاية هذا الأسبوع وهو يقارن مع فارق أقل بكثير يقدّر بـ5300 ليرة في نهاية العام 2022.
في سوق الأسهم: شهدت بورصة بيروت حركة تداول خفيفة خلال هذا الأسبوع الذي اقتصر على أربعة أيام عمل فقط، إذ اقتصرت قيمة التداول الاسمية على 1.2 مليون دولار بالمقارنة مع 5.5 مليون دولار في الأسبوع السابق المكوّن أيضاً من أربعة أيام عمل. توازياً، سلكت بورصة بيروت مسلكاً تصاعدياً هذا الأسبوع، كما يستدل من خلال ارتفاع مؤشر الأسعار بنسبة 2.6%. في التفاصيل، قفزت أسعار أسهم “بنك بيبلوس العادية” بنسبة 7.1% إلى 0.75 دولار، تلتها أسهم “سوليدير أ” بنسبة +3.7% إلى 66.95 دولار، فأسهم “سوليدير ب” بنسبة +1.5% إلى 65.05 دولار. عليه، تكون بورصة بيرت قد سجّلت زيادات في الأسعار نسبتها 8.0% منذ بداية العام 2023، بدعم أساسي من أسهم “سوليدير” التي قفزت أسعارها 8%-10% حيث واصل المتعاملون إقبالهم على شراء الأسهم العقارية تحوّطاً للأزمات وخصوصاً بعد رفع الدولار المصرفي إلى 15000 ل.ل. في بداية شهر شباط 2023.
سوق سندات اليوروبوندز: غاب الطلب الأجنبي عن سوق سندات اليوروبوندز اللبنانية هذا الأسبوع وخيّم مناخ من المراوحة في ظل انسداد الأفق السياسي وغياب الإصلاحات، بينما تتجه الأنظار نحو الزيارة المرتقبة لوفد من صندوق النقد الدولي في آذار المقبل لاستطلاع المراحل الّتي وصلت إليها شروط الصندوق المتفق عليها في نيسان 2022 وسط توقعات بأن يكون الاتفاق المبدئي مع الصندوق قد فقد صلاحيته بعد مرور نحو عام على توقيعه. في هذا السياق، بلغت أسعار سندات الدين الحكومية مستقرة عند 7.00 سنتاً للدولار الواحد يوم الجمعة بالمقارنة مع 7.125 سنتاً للدولار الواحد في نهاية الأسبوع السابق. على المستوى التراكمي، تكون سوق سندات اليوروبوندز اللبنانية قد سجلت زيادات في الأسعار تراوحت بين 1.25 دولار و1.38 دولار منذ بداية العام 2023.