تحدث رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم الدكتور فؤاد زمكحل عن «تداعيات وقف الدعم عن السلع الاساسية المتوقعة قريباً»، وقال: «يعيش اللبنانيون منذ أشهر عدة تدهوراً كبيراً في نسب العيش في لبنان، جرّاء التضخم الذي وصلت إليه البلاد بنسب كارثية، فضلاً عن زيادة الاسعار إلى ما فوق الـ 300%، وأيضاً زيادة في الكلفة الثابتة والتشغيلية والمعيشية الموجودة في لبنان، وفي الوقت عينه فإن القيمة الشرائية في لبنان تدهورت بنسبة 70% – 80%، بمعنى أن مداخيل الأفراد (في ما تبقى من مداخيل)، خسرت بنسبة كبيرة من قيمتها. إذاً، عندنا تضخم يزيد ثلاثة أضعاف، فيما المدخول إنخفض بنسبة الثلثين، فهذا يعني أننا نشهد أزمة إقتصادية – إجتماعية – مالية – نقدية خانقة وكارثية، تكاد لا تُحتمل.
أما الأسس الثلاثة التي لم تتأثر مباشرة جرّاء التضخم حتى الآن هي: المحروقات (البنزين بشكل خاص) التي تُستورد من الخارج، ولا يزال مدعوماً حتى تاريخه من مصرف لبنان، والدواء المدعوم بنسبة 85% من الدولار الذي لا يزال متوافراً في مصرف لبنان أيضاً، وبنسبة 15% من المستوردين، والقمح أي الخبز. فالكلفة المباشرة على المواطنين لم ترتفع كثيراً حتى تاريخه حيال هذه المواد الأساسية.
لكن إذا توقف الدعم كما سبقت الإشارة، فإن الكلفة المتوقعة على المواطنين حيال الأسس الثلاثة الأساسية المعيشية، وهي: البنزين (المحروقات)، والخبز والدواء، ستزداد 3 مرات على الأقل، 300%، أي أن الأسعار سترتفع على هذه المواد بين 3 أضعاف و4 أضعاف.
ماذا يعني الدعم؟ نسمع أن الدعم يُمكن أن يتوقف خلال أشهر عدة (شهرين، أو ثلاثة أشهر أو خمسة أشهر). هذا يعني أن الدعم سيتوقف في نهاية المطاف. والسبب يعود إلى أن السيولة المتوافرة لدينا بالدولار لن تبقى إلى الأبد، كي يستطيع «المركزي» أن يدعم المواد الأساسية الآنفة الذكر، وفي الوقت عينه، فإن قسماً من السيولة المتبقية للدعم حتى تاريخه، نلاحظ أنها تذهب هدراً، نتيجة تهريب كميات كبيرة من المحروقات والقمح وحتى الدواء إلى خارج الحدود اللبنانية.
وهذا يعني، إذا تابع مصرف لبنان دعمه للمواد الأولية المشار إليها، ستزداد المشكلة جرّاء تبخر الدولارات المتوافرة في «المركزي»، وفي الوقت عينه في حال توقف الدعم، فإن المشكلة ستكون أكثر تفاقماً، بإعتبار أن الكلفة ستزداد على المواطنين، بنسب عالية جداً، وهذا يعني أنه لم يعد في مقدورنا كمواطنين أن نتابع حياتنا اليومية.
ما هو الحل؟ نعرف جيداً، أن لبنان لا يطبع العملة الصعبة أي الدولار الأميركي، إنما يطبع الليرة اللبنانية (العملة الوطنية)، فإذا أردنا أن نُحدّ من الأزمة الراهنة من خلال طباعة الليرة اللبنانية، فهذا يعني أن المشكلة ستبقى قائمة، وأن التضخم سيتفاقم على نحو قد نفقد معه قيمة الليرة اللبنانية على نحو أكبر مما سبق، ولن نستطيع أن نستورد المواد الأولية أبداً.
الحل الوحيد الذي يُمكن أن يكون متوافراً في الوقت الراهن، هو من خلال الدعم الدولي، إما بالسيولة النقدية (بالدولار أو بالأورو)، أو دعم المواد الثلاث، او الدعم المباشر للمواد الثلاث. وقد لاحظنا مؤخراً زيارات مباشرة للبنان من قبل رؤساء دول أجنبية ولا سيما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعدد من المسؤولين الأميركيين وغيرهم، لكن لم يصدر عن هؤلاء أي تصريح رسمي بإمكانية دعم هذه المواد الأساسية في لبنان حتى تاريخه.
لماذا؟ لسببين: الأول: زيادة الضغط على لبنان وخصوصاً على السياسيين فيه، وهذا أمر نستطيع أن نتفهمه، والثاني: لم يعد المجتمع الدولي يثق بالمسؤولين اللبنانيين، بإعتبار أنه في حال قدّمت الدول الأجنبية دعماً للمواد الأولية في لبنان، فإن مبالغ الدعم ستذهب هدراً مرة أخرى، لأن السلطة الحاكمة والسياسيين الفاسدين وحدهم مَن سيستفيد من هذا الدعم، وليس المواطنين، أسوة بالمساعدات الدولية الأخرى التي دخلت لبنان قبلاً.
بناء عليه، من غير الممكن طبع الليرة، ولا إمكانية للمساعدات الدولية للبنان، في الوقت الذي نتجه فيه يوماً بعد يوم نحو رفع الدعم نتيجة فقدان السيولة في «المركزي». هذا يعني مرة أخرى، أن الشعب اللبناني، والأُسر اللبنانية، والشركات اللبنانية، وكل شخص في لبنان، هو رهينة، فيما المجتمع الدولي فقد الثقة بالسياسيين في لبنان.
إن الثقة بلبنان الوطن، لا تزال موجودة، كذلك الثقة بالشعب اللبناني لا تزال موجودة أيضاً على نحو أكثر، من قبل المجتمع الدولي، ومن الضروري أن يستعيد اللبنانيون ثقة المجتمع الدولي كي يستحق دعمه، فنستطيع عندها أن نتابع حياتنا الإعتيادية ونعيش في وطن قابل للعيش.
وسأل زمكحل :ماذا سيحدث حين يتوقف الدعم؟ لنكن واقعيين، إذ نعلم يقيناً أن هناك معركة في ما بين الدول العظمى، ومعركة إقليمية، ومعركة داخلية نعيشها اليوم، لذا نحن رهينة، وأقول بصوت عال جداً، إن هذا الدعم (من قبل مصرف لبنان المركزي) لن يستطيع أن يكمل مع الشعب اللبناني، إذ سيأتي وقت وينتهي مفعوله.
وحذر من انه إذا إنتهى الدعم من «المركزي» ولم نوفق بالدعم الدولي، بغية دعم الليرة اللبنانية، أو دعمنا بالدولار، فإنه لم يعد في مقدورنا أن نتابع دعم المواد الأساسية المشار إليها (المحروقات، الدواء والقمح).
من الواضح أننا نشهد ضغوطات دولية كبيرة جداً ولا سيما على السياسيين اللبنانيين، وفي الوقت عينه، يقوم هؤلاء السياسيون برمي الضغوط على الشعب اللبناني. كما أن الدول الكبرى تضغط على اللبنانيين، إذ بحسب رأي بعض الدول الكبرى، إذا وقع الضغط على الشعب، فإن الأخير سينتفض على السياسيين.
وقال بناء عليه، أطالب الدول الخارجية والمجتمع الدولي، دعم الشعب اللبناني، والأسر اللبنانية، والشركات اللبنانية، إذ تستطيع هذه الدول أن تفصل بين دعم الشعب اللبناني من جهة، ودعم السياسيين من جهة أخرى، هذا الشعب الذي بات رهينة، حيث لا يُفترض أن يدفع ثمن الفشل والهدر والفساد من قبل السياسيين.
وعلى دول الخارج أن تفرض عقوبات مباشرة على كل السياسيين، وليس على الشعب الذي لا يحتمل عقوبات ولا يستحقها أصلاً. لماذا أطالب بفرض العقوبات المباشرة على كل السياسيين؟ لأنهم شرّعوا الفساد، وموّلوا تبييض الأموال وغير ذلك، عدا أنهم تسبّبوا بإفقار الشعب.