ماذا يجذب الأثرياء نحو وجهات محددة حول العالم؟

almontasher :ارم الاقتصادية _  شهد الساحة الاقتصادية العالمية تحوّلاً نوعياً مع تصاعد المنافسة بين الدول لاستقطاب أصحاب الثروات العالية، في سباق لم يعد مقتصراً على تدفقات رؤوس الأموال، بل يمتد إلى إعادة تعريف مفهوم الفخامة ذاته وإعادة رسم الجغرافيا الاقتصادية للثراء.

فالحوافز التي كانت يوماً ما حكراً على  الضريبية باتت اليوم ركيزة في السياسات الاقتصادية، ضمن استراتيجيات تهدف إلى جذب النخبة المالية وتثبيت الثروات داخل الاقتصادات الوطنية، وفقاً لتقرير منصة «جينغ ديلي» (Jing Daily) المتخصصة في أسواق الفخامة والثروات وسلوك المستهلكين.

الإمارات تتصدر السباق

برزت دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة الدول المنافسة، وذلك عبر برنامج «» الذي يمنح إقامة طويلة الأجل للمستثمرين العقاريين الذين تتجاوز استثماراتهم 550 ألف دولار.

أما إيطاليا فاستحدثت نظاماً ضريبياً سنوياً ثابتاً يعفي الدخل الخارجي، بينما تعمل البرتغال واليونان على تحديث أطر الإقامة للمستثمرين الأجانب، في حين تواصل إسبانيا استقطاب العائلات الثرية من أميركا اللاتينية بفضل الروابط الثقافية وخيارات الإقامة المرنة.

وعبر الأطلسي، تسعى الولايات المتحدة لترسيخ مكانتها ببرنامج «»، كما تستقطب فلوريدا تدفقات مالية كبيرة بفضل غياب ضريبة الدخل. ويشير محللون إلى أن هذه التحركات تمثل إعادة توزيع عالمية للثروة، مدفوعة بعوامل نمط الحياة والصحة بقدر ما هي مرتبطة بالمزايا الضريبية.

مراكز جديدة للثروة العالمية

رغم احتفاظ مدن مثل  ونيويورك وهونغ كونغ بمكانتها الرمزية، تشق مدن مثل دبي وميامي وسيدني طريقها كمراكز جديدة للثروة الفائقة. وتجمع هذه المدن بين بنية تحتية متقدمة واستقرار سياسي وأنظمة مالية جاذبة، مما يوفر استدامة طويلة الأمد للعائلات ذات الثروات الفائقة.

ولم يعد انتقال الثروة مسألة مالية بحتة، بل أصبح انعكاساً لإعادة تعريف مفهوم الازدهار بين حماية رأس المال والخصوصية والصحة، في عالم يتسم بعدم اليقين الجيوسياسي وارتفاع المخاطر الرقمية.

من السياحة إلى الاستقرار الدائم

يتقاطع قطاعا  والسياحة أكثر من أي وقت مضى، حيث تتحول الإقامة المؤقتة إلى نمط حياة دائم، فالأثرياء يفضلون مشاريع متكاملة تعمل كمنظومات مكتفية ذاتياً، تجمع بين السكن والرعاية الصحية والتعليم والثقافة.

ويتجسد هذا نموذج في مشروع «سينترو كاناليخاس» (Centro Canalejas) بمدريد الذي يضم فندق «فورسيزونز» (Four Seasons) وشققاً سكنية بعلامات تجارية ومتاجر فاخرة، ليصبح مركزاً اقتصادياً نابضاً.

وفي أوروغواي، يوفر الاستقرار السياسي والنظام الضريبي الجاذب ملاذاً آمناً للعائلات القادمة من الأرجنتين والبرازيل، بينما تشهد الولايات المتحدة ازدهاراً في الطلب على المزارع الفاخرة في ولايات مثل مونتانا وتكساس، حيث يلتقي الاستثمار العقاري برغبة متنامية في الخصوصية والاكتفاء الذاتي.

الصحة كعملة جديدة للثروة

باتت الصحة ثاني أهم دافع وراء تحركات رؤوس الأموال الخاصة. بحسب تقديرات شركة «ماكينزي» (McKinsey)، بلغ حجم اقتصاد العافية العالمي نحو 1.8 تريليون دولار في عام 2024، بمعدل نمو سنوي يتراوح بين 5 و10%. ومن المتوقع أن يتجاوز سوق السياحة العلاجية 1.4 تريليون دولار بحلول 2027.

وتبرز دول جنوب أوروبا، مثل  والبرتغال، كوجهات مفضلة بفضل نمط الحياة المتوسطي ونظم الرعاية الصحية المتاحة، ما يجعلها أصولاً استثمارية منخفضة التقييم تجمع بين جودة الحياة والاستقرار المالي.

وفي الولايات المتحدة، تجاوز متوسط أسعار المنازل في مناطق مثل «غابلز إستيتس» (Gables Estates) بميامي 21 مليون دولار، مدفوعاً بعوامل تتجاوز الإعفاءات الضريبية نحو جودة الحياة وإمكانية الوصول إلى أفضل المرافق الطبية.

وكما عبّر أحد المحللين عن الاتجاه الجديد بقوله: «الصحة أصبحت العملة الحقيقية للثروة؛ فالنخبة العالمية تستثمر في أنماط حياة تطيل العمر وترفع جودة الحياة في آن واحد».

مدن خاصة ونماذج اقتصادية جديدة

يتبلور اتجاه أكثر جرأة في شكل مشاريع حضرية تعرف بـ«المدن الميثاقية»، وهي مدن خاصة تُدار بأنظمة اقتصادية وتشريعية مستقلة، مثل «بروسبرَا» (Próspera) في هندوراس الموجهة لشركات التكنولوجيا الحيوية والبلوكتشين، و«تاتو سيتي» (Tatu City) في كينيا، و«إيتانا» (Itana) في نيجيريا.

وفي أميركا الجنوبية، يجري إنشاء شبه جزيرة اصطناعية قبالة ساحل بيرو لتكون مركزاً مالياً وسياحياً يوصف بـ«دبي أميركا الجنوبية».

أما في الولايات المتحدة، فيقود رائد الأعمال مارك لور مشروع مدينة «تيلوسا» (Telosa)، باستثمار يتجاوز 400 مليار دولار، تعتمد على الطاقة المتجددة وتحظر السيارات، في رؤية لمدينة مستقبلية مستدامة تقودها الاستثمارات الخاصة.

ويرى خبراء الاقتصاد أن هذه النماذج تمثل مختبرات اقتصادية لإعادة ابتكار الحوكمة والرفاه، حيث تتقاطع الفخامة مع الابتكار والاستدامة.

الفخامة تُعاد تعريفها

في المشهد الجديد، لم تعد الثروة تقاس بالتملك بل بالقدرة على الوصول إلى الأمان، والصحة، والانتماء. فالدول والمدن التي تتنافس اليوم على جذب النخبة الثرية تستخدم السياسات الاقتصادية كأدوات استراتيجية لإعادة هندسة مستقبلها.

أما بالنسبة لقطاعي الفخامة والعقارات، فقد أصبحت الاستدامة والعافية والمرونة الركائز الثلاث لقيمة العصر الجديد. إذ لم يعد الأثرياء ينقلون أموالهم فقط، بل يعيدون رسم خريطة الازدهار العالمي بأكملها

عن mcg

شاهد أيضاً

​ زغيب شارك في إجتماع رؤساء البعثات للدورة الآسيوية الشاطئية في الصين ( سانيا – 2026 )

almontasher >شارك عضو اللجنة الأولمبية اللبنانية المحاسب روكز زغيب في إجتماع رؤساء البعثات لدورة الألعاب …