كان لافتاً اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام في آخر لقاءاته الإستشارية غير الملزمة في مجلس النواب، مع هيئة مكتب مجلس المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي برئاسة رئيسه شارل عربيد الذين رفعوا مذكرة إلى سلام تناولت اقتراحات بشأن تشكيل الحكومة المرتقبة ومنها:

أولاً:العزوف عن قاعدة وزير لكل 4 أو 5 نواب.

كونها تحوّل مجلس الوزراء إلى مجلس مندوبين، مما يُضعف التضامن الوزاري، ويغلّب المصالح الفئوية على المصلحة الوطنية، ويتنافى مع مبدأ فصل السلطات مما يُفقد مجلس النواب دوره الرقابي.

ثانياً:معايير اختيار الوزراء.

– النزاهة وتوخي المصلحة العامة: ألتحلي بالنزاهة والشفافية، وأن يكون الهدف خدمة الصالح العام، بعيدًا عن المصالح الشخصية أو الحزبية.

– الاختصاص: وزراء ذوو خبرة وكفاءة في مجالاتهم.

– الالمام الإداري: معرفة بالقوانين والأنظمة التي ترعى عمل الدولة والإدارة العامة،

(les rouages de l’Etat et de l’administration).

ثالثاً:استحداث وزارات مفيدة.

١- وزارة اللامركزية: لتسريع وضع قانون اللامركزية ومواكبة تنفيذه ومتابعة العمل اللامركزي، بهدف تعزيز التنمية المحلية وتمكين السلطات المحلية من إدارة شؤونها بفعالية.

٢- وزارة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي: توظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير الخدمات العامة والادارة وتعزيز الاقتصاد الرقمي.

٣- وزارة تحفيز الاستثمار و Branding Lebanon: لتحفيز الاستثمار والترويج للبنان كعلامة فارقة كوجهة استثمارية وسياحية وثقافية، بما يعزز صورته الإيجابية ويعيد الثقة اليه.

وليس جديداً على هذا المجلس الإقتصادي الذي لم يتوان يوماً عن تأدية دوره الإستشاري بالعمل على تقريب وجهات النظر بين قوى الإنتاج والسلطة السياسية ولعل آخر لقاء عقده قبل انتخاب الرئيس عون بيومين والذي سمي بـ ” نداء 7 كانون … الثاني: إنجاز الإستحقاق الرئاسي، مدخل لبناء دولة مستقرة فاعلة وجاذبة.” والذي جمع مختلف قوى الانتاج الذين ركزوا على أهمية انتخاب رئيس جمهورية وتكليف رئيس حكومة للبدء بمسيرة الخروج من الأزمات التي أنهكت لبنان على مدى خمس سنوات.

ماذا يقول
عن رؤية رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي شارل عربيد لمستقبل لبنان وحول المطلوب من العهد للبدء بورشة عمل إصلاحية وحول تأثير تأخير تشكيل الحكومة على لبنان واقتصاده وجذب الإستثمارات والسياحة إضافةً إلى دور المجلس في المرحلة المقبلة ،كان للديار هذا الحديث مع الرئيس عربيد الذي أكد في حديث للديار على أن التأخير في تشكيل الحكومة يؤثر سلباً على إنطلاقة العهد والجو الإيجابي الذي ساد في البلد بعد انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتكليف رئيس الحكومة القاضي نواف سلام وما رافقه من جو إيجابي او على الأقل الأمل بأننا ذاهبون إلى بناء جو من الثقة وتمتين الإستقرار في لبنان.

ورداً على سؤال حول التأخير في تشكيل الحكومة قال عربيد لا يمكننا القول أننا تأخرنا فما زلنا ضمن المهلة العادية لكن المطلوب أن تتشكل بسرعة وأن تكون حكومة موثوقة تساعد في بناء هذه الثقة التي بدأت بانتخاب العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية وتكليف القاضي نواف سلام لرئاسة الحكومة .

ورأى عربيد أن أهم ما في الأمور المستجدة النمط الجديد المنتظر من الرئيسين عون وسلام وهذا التفاهم الواضح بينهما سيما في خطاب القسم للرئيس عون وخطاب سلام إثر تكليفه، لافتاً أن هذا الأمر يجب أن يترجم عبر التناغم والتفاهم وطريقة عمل جديدة قائمة على تعاون ومرونة وتفهم وقائمة على أولويات موحدة على رأسها عملية الإصلاح على كل المستويات لأنها تدعم الثقة بالداخل وتترجم المسار الجديد وتثبت العلاقات مع الخارج سيما وأننا في مرحلة بحاجة إلى دعم الأشقاء العرب والمجتمع الدولي الذين كان لهم دور أساسي دائماً في مساعدة لبنان “ونحن ننتظر عودتهم للإهتمام في لبنان”.

وإذ اعتبر عربيد أن كل هذا المسار يبدأ العمل به من خلال تشكيل حكومة فاعلة قادرة والتي هي فرصة للبدء بمسيرة التعافي والنهوض الإقتصادي، رأى أن المطلوب من جهة أخرى أن نعمل على تحفيز الإستثمار في لبنان وتشجبع الإستثمارات الخارجية وأن نعيد إلى أذهان المستثمرين بأن لبنان هو بلد فرص وبلد جاذب ومن يستثمر به حقه يكون محفوظاً ،معتبراً أن من أهم نقاط خطاب القسم هو موضوع الإصلاح في أمور العدل والقضاء سيما الإصلاح القضائي الذي هو من الأولويات لأنه يثبت دولة الحق والقانون.

ووفقاً لعربيد ليس هناك إستثمار إذا لم يكن هناك إستقرار ودولة حق وقانون و إذا لم يكن هناك ما يجذب هذا الإستثمار لأنه بالنتيجة هدف الإستثمار هو تحقيق أرباح أو مردود معين لافتاً أن كل هذه الأمور ستترجم عبر آداء الحكومة.

فيما يتعلق بدور المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي أشار عربيد ان الرئيس المكلف نواف سلام هو عضو سابق في الهيئة الإدارية والهيئة العامة السابقة للمجلس الإقتصادي وقال : هو من المؤمنين وأنا التقيت به أكثر من مرة فهو مؤمن بدور وفعالية وضرورة تفعيل هذه المساحة الحوارية التي تمارس في المجلس الإقتصادي كي تكون تواصل بين المجتمع المنتج بمجمله والسلطة التنفيذية، مشيراً إلى أن هذا الأمر يجب مقاربته بطريقة متجانسة مع القانون المعدل الذي صدر في العام ٢٠٢٢ والذي نص على تحديث المجلس الإقتصادي وإعطائه الدور الأساسي والميثاقي والتمثيلي الإستشاري والمستقل في إبداء الرأي في السياسات العامة .

وتحدث عربيد عن الكلام المشجع جداً الذي صدر عن رئيس الجمهورية حول الإستعانة بالمجلس الإقتصادي الذي لم تكن السلطة سابقاً معتادة على وجود ودور المجلس، لافتاً إلى أنه حان الوقت لإعطاء القانون الجديد فعاليته وأهميته ودوره كي يكون مجلساً منتجاً وقادراً على إبداء الرأي والإستشارة اللازمة التي تتأتى من هذا الحوار التشاركي بين كل قوى الإنتاج وتذهب السلطة التنفيذية للإستعانة بهذا الرأي و ترسم السياسات من خلال الجو التوافقي.

وشدد عربيد على أن المهم والأهم هو أن نعيد تدوير المحركات الذي يأتي من خلال الثقة التي يجب أن نبنيها جميعاً متأسفاً من بعض الشوائب الأمنية التي حصلت مؤخراً، متمنياً أن لا تتكرر كالمسيرات الدراجة التي حصلت في أكثر من منطقة لأن هذا الأمر غير صحي ولايخدم القضية وليس لمصلحة لبنان واللبنانيين.

وأضاف عربيد في الختام أن لبنان باقٍ وعلينا جميعاً العمل من أجل إعادة تدوير الإنتاج لأنه إذا لم يكن هناك ثقة ليس هناك إستقرار واذا لم يكن هناك إستقرار لن يكون هناك إقتصاد وإذا لم يكن هناك إقتصاد لا يمكننا أن ننكب إلى معالجة الوضع الإجتماعي الذي ما زال هشاً أكثر وأكثر.