زلزال المغرب.. كيف تحركت الأرض بقوة 6.8 درجات بعد 399 عاما؟
سبتمبر 11, 2023
421 زيارة
بعد نحو 399 عاما على زلزال 11 مايو/أيار 1624 -الذي ضرب مدينة فاس، والذي وصفته دراسة نشرت في العام 2017 بأنه «من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ المغرب»- تعرضت البلاد فجر 9 سبتمبر/أيلول 2023 لهزة أرضية مماثلة.
وضرب زلزال بشدة 6.8 درجات على بعد حوالي 70 كيلومترا جنوب غربي مراكش وشعرت به مناطق واسعة بالشمال والشمال الشرقي للمغرب، وامتد الشعور به إلى مناطق في الجزائر وإسبانيا والبرتغال.
حصيلة الضحايا
ارتفعت حصيلة أعنف زلزال ضرب المغرب إلى أكثر من ألفي قتيل، وقد أعلنت المملكة حدادا وطنيا مدّته ثلاثة أيّام كذلك، ارتفع عدد الجرحى إلى أكثر من ألفين، بينهم أكثر من ألف وأربع مئة حالة خطرة، فيما تُواصل فرق الإنقاذ جهودها وسط تضامن دولي كبير
وتتركز غالبية الوفيات في إقليمَي الحوز وتارودانت الأكثر تضررا اللذين يضمان قرى متناثرة يعيش أهلها على كفاف يومهم في منازل قديمة تراثية يصعب الوصول إليها في قلب جبال الأطلس الكبير.
الناجون في العراء
وأثار الزلزال هلعا عارما في البلاد، خصوصا أن سكّان مدن عدّة بعيدة عن بؤرته شعروا به. وفضّل كثيرون في مراكش خصوصا قضاء الليل في العراء جرّاء الهلع وشائعات عن احتمال حدوث هزات ارتدادية، في بلد لم يَعتَد الزلازل العنيفة.
ووفق مقاييس قوة الزلازل، فإن هزة أرضية بقوة 6.8 درجات تعد من الزلازل القوية، لكن حتى الزلازل المعتدلة القوة قادرة على التسبب في أضرار جسيمة بهذه المنطقة، فعلى بعد حوالي 140 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من منطقة الزلزال الأخير قتل زلزال بقوة 5.8 درجات في عام 1960 بين 12 ألفا و15 ألف شخص.
مقارنة بزلزال العام 1960
ويطلق الزلزال بقوة 5.8 درجات طاقة أقل بمقدار 10 مرات تقريبا من زلزال بقوة 6.8 كالذي حدث مساء الجمعة (الواحد الصحيح في مقاييس الزلازل يعني زيادة 10 أضعاف)، ومع ذلك فإن الدمار الكارثي في زلزال العام 1960 يرجع جزئيا إلى المباني التي شيدت بالطين المضغوط والرمل والحصى المدكوك لتشكيل الجدران والهياكل، وقد انهارت هذه المباني بالكامل، حيث عادة ما يكون البناء غير الملائم هو المساهم الأكبر في كوارث الزلازل.
ورغم أن زلزال العام 1960 أدى إلى تغييرات في قواعد البناء في المغرب فإن العديد من المباني -خاصة المنازل الريفية- لم تراعِ تلك القواعد، وهو ما يرجعه بيل ماكغواير أستاذ المخاطر الجيوفيزيائية والمناخية في جامعة كوليدج لندن إلى ندرة حدوث الزلازل الكبيرة في المغرب.
ويقول ماكغواير في تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس الأميركية إن «المشكلة هي أنه عندما تكون الزلازل المدمرة نادرة فإن المباني ببساطة لا يتم تشييدها بقوة كافية للتعامل مع الهزات الأرضية القوية، مما يؤدي إلى انهيار الكثير منها وسقوط عدد كبير من الضحايا».
واستنادا إلى قوة الزلزال وضعف المباني المحلية توقع نظام التقييم الفوري للزلازل العالمية (بي إيه جي إي آر) التابع لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية وقوع وفيات كبيرة، لكن الهيئة الأميركية أكدت أن هذه التقديرات غير مؤكدة، وذلك لعدم وقوع زلازل مماثلة في هذا الجزء من المغرب بالقدر الكافي لتدريب نظامهم الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي على استخلاص توقع دقيق.
كما أثرت ندرة وقوع الزلازل في قدرة نظام التقييم الفوري للزلازل العالمية في وضع تقديرات مؤكدة للخسائر وحدّت من قدرة الباحثين على وضع تصور دقيق للأسباب التي أدت إلى تحرك الأرض بقوة 6.8 درجات في منطقة مختلفة عن زلزال 11 مايو/أيار 1624.
ووفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركي، فإن الزلازل بقوة 6 درجات أو أقوى ليست شائعة في هذه المنطقة، فمنذ عام 1900 لم يقع أي زلزال بقوة 6 أو أقوى ضمن مسافة 500 كيلومتر من هذا الزلزال، ولم تقع سوى 9 هزات بقوة 5 درجات أو أقوى، ومعظم هذه الهزات كانت قد وقعت إلى الشرق من زلزال 9 سبتمبر/أيلول 2023.