على وَقع تنامي الأزمات التي تعصف بالبلاد، والتمادي في سياسة المناكفات الداخلية التي تواكب البحث عن «الرئيس التوافقي» كما عن «أُحجية» تشكيل الحكومة، تترقب الأوساط السياسية أسبوعا حافلا بمجموعة من المحطات بدءاً من يومها الأول لانتخاب الرئيس وتلك المتصلة بترجمة «تفاهم 11 تشرين» مع عودة الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين إلى بيروت يسبقه وفد قبرصي لتصحيح الحدود البحرية مع الجزيرة. وعليه، كيف سيواجه لبنان هذه المحطات؟
لا تنفي المراجع السياسية والديبلوماسية في رؤيتها وقراءتها للمحطات المتوقعة في الأسبوع المقبل، فليس من بينها ما يدعو الى أي مفاجأة فكلها تأتي في سياق التطورات المرتقبة استكمالاً لمجموعة الملفات المفتوحة على شتى الاحتمالات السلبية منها وخلافها. وما عداها ليس هناك ما هو مرتقَب من مفاجآت. فمعظم هذه المواعيد لها ما يُحاكيها من المعالجات بأشكال مختلفة منها ما هو متوافر داخلياً ومنها ما هو مرتبط بالاوضاع الناشئة في البلدان المحكي عنها والتي تشكل الطرف الآخر المعني بها.
وقياساً على حجم ما هو متوافر من قدرات تجري السيناريوهات على عواهنها في مرحلة تستعد فيها البلاد لمواجهة استحقاق نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون وعلى وقع التحضيرات الجارية لمواجهة مرحلة خلو سدة الرئاسة وما يمكن ان تعيشه من أحداث في ظل مجموعة من السيناريوهات المُربكة ما لم ينجح اهل السلطة والمنظومة باتخاذ الإجراءات التي يمكن ان تخفّف من سلبيات ما هو متوقع، لا سيما السعي من اليوم للجم «الرؤوس الحامية» التي تستعد للمرحلة المقبلة بالدعوة الى نوع من «التعبئة» الشعبية والسياسية وصولاً الى الوزارية على رغم من تبرّؤ رئيس «التيار الوطني الحر» ممّن يمثّلونه من وزرائه في حكومة تصريف الاعمال وصولاً الى الطلب منهم ومن حلفائهم مقاطعة عمل الحكومة متى انتقلت اليها صلاحيات رئيس الجمهورية مجتمعة، كما التهديد بما لا يمكن توقعه من خطوات سياسية وربما شعبية يمكن ان تقود الى ما لا يريده كُثر من الحلفاء والخصوم، خصوصاً ان صَحّ توصيفها بمنطق «عليَّ وعلى أعدائي يا رب»!.
وتأسيساً على ما تقدم، وإن كانت كل التوقعات تتحدث عن «اثنين رئاسي» يستنسخ فيه مجلس النواب المدعو الى انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية في جولة انتخابية رابعة بتركيبته الحالية «الهشّة» التجارب الثلاثة السابقة التي شهدتها جلسات «الخميس الرئاسي» الثلاثة من 14 ايلول الماضي الى 13 تشرين الاول والـ 20 منه، والتي انتهت الى ما انتهت اليه من معادلات سلبية لا يمكن ان تؤدي الى انتخاب الرئيس العتيد ما لم يحصل ما ليس في الحسبان.
أما على المستوى الآخر المرتبط بملفات الثروة النفطية في المنطقة، يستعد اللبنانيون لاستقبال وفد وزاري وتِقني قبرصي الاثنين المقبل من اجل البحث في الدعوة اللبنانية التي تحدثت عن ضرورة تصحيح الحدود البحرية بين لبنان وقبرص في ضوء التفاهم الذي تم التوصّل اليه مع اسرائيل. على قاعدة واضحة لا نقاش فيها تقود الى التعاطي مع قبرص كمحطة لا بد منها بما يتصل بترسيم الحدود بين أيّ دولتين مجاورتين ان تبدّلت الحدود البحرية لأيّ منهما مع دولة ثالثة. وهو ما ينعكس على حدود المناطق الاقتصادية الخالصة للدول المتاخمة لهما، وهو ما ادى إلى طرح الموضوع مع جزيرة قبرص لِما هنالك من تعديلات يمكن ان تطرأ على النقاط والخطوط البحرية المرسومة منذ العام 2008 سواء من اجل تصحيحها ان دعت الحاجة او لتثبيتها كما هي ان لم تتأثر بما طَرأ من تطورات. فقانون البحار يسمح بأي تعديل يمكن ان يستجِد في اي لحظة على الحدود بين اي دولتين متجاورتين تتقاسمان حدوداً بحرية مشتركة، وهو ما بات قائماً بين كل من لبنان واسرائيل وقبرص.