“مفطور القلب”… غادرنا بحسرة !

حيّان سليم حيدر

وتساءل البعض، وما زال، لماذا كانت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتييريس إلى لبنان في آخر كانون الأول من العام 2021؟
و”كي لا يتوهّم أهل الباطل أنّهم على حقّ”،
تعالوا نقرأ الجواب من طريق مراجعتنا لبعض تصريحاته.  من المواقف التي أطلقها ما يأتي:

(ملاحظة: لقد أبرزنا كلام الأمين العام بالأحرف الغليظة ثمّ بيّننا تعليقاتنا عليها بالأحرف العادية).

–    “الأمم المتحدة تقف إلى جانبكم”.  أيّها الزائر الكبير، أنت سيّد العارفين أن اللبنانيين ليسوا جميعهم إلى جانب واحد، فأيّ جانب أنت فيه؟

  • “على القادة اللبنانيين أن يستحقّوا شعبهم” ؟؟ نقول: لا.  هذا الشعب قد برهن أنّه إستحقّ قادته على مرّ السنين، فعلًا و… خَرْجو… لأنّه سيبقى يستحقّهم، فيما كان عليه أن يسحقهم !..
  • “لا يملك سياسيّو لبنان الحقّ بمعاقبة الشعب عبر إستمرار خلافاتهم، فهذا الشعب يتميز بخصال السخاء الحيلة وكرم الضيافة”. ومَن سينتزع منهم ما لا يملكون؟  وهذا الشعب الطيّب، القليل الحيلة، يرجوكم، ويرجو أعوانكم، وللمرة الألف، تنفيذ (مسرحية) تهديداتكم بفرض عقوبات “دولية” على معاقبي الشعب السَخي هذا !
  • “ثلاثية الدعم الأممي” (كما يريد تحديدها البعض، المعروف الهوى) ومَن أطلقها؟ غير اللبنانيين؟؟  وتظهر الثلاثية إلى العلن: “جيش، شعب، مؤسّسات أمنية” ؟  يعني الجيش ليس مؤسّسة أمنية؟؟  ومنذ ذلك الإعلان أصبحت الأمم تُدرّس الثلاثيات مادة في “الإستراتيجية الديمقراطية”… في معاهد العالم.
  • “لبنان في محور إستراتيجياتنا وأولوياتنا وعلينا أن نتفادى أيّ شكل من أشكال النزاع الذي شهدها في السابق لما في ذلك من عواقب وخيمة.”. ونسأل: وخيمة على مَن؟  وأين كانت إستراتيجياتكم عندما شنّ العدو الحرب تلو الأخرى على لبنان؟  أم أنّكم تخشون من “وخيمات” آتيات، لا محال، كلّما قرّر العدو شنّ حرب جديدة، أو لأنّه لم يَعُد يجرؤ على ذلك؟  وأين موقفكم من أنّ القرار الأممي 1701 (هكذا يُفتَرَض به) لم يحترم المبدأ الأممي الدولي العام الذي يقضي بأن تتمركز قوات السلام الدولية لتفصل فيما بين الدولتين المتنازعتين، أي على جهتي الحدود؟  وأين هي الحدود في الأساس، ولم يعترف العدو يومًا بحدود له … لا في الجغرافيا ولا في التاريخ ولا في الأخلاق ولا في الإجرام وحتمًا ليس في احترام المواثيق والمعاهدات والقرارات الصادرة عن الهيئات الدولية وبالأخصّ “الأممية” منها؟
  • “نسعى لكي يستطيع لبنان إنشاء عقد إجتماعي جديد وتطوير علاقاته مع الدول الخارجية… ويسمح بإعادة بناء الطبقة الوسطى التي جرى القضاء عليها“. وهل يعني ذلك أنّ هناك دول داخلية؟  وهل أنّ إسم عقد إجتماعي هو التسمية الخجولة لإسم مؤتمر تأسيسي، أم أنّها الأسم الحركي له؟؟  ومع الطبقة الوسطى التي إنتهت نلفت إنتباهكم إلى الطبقة المعدومة وهي باتت الأكثرية المسحوقة في البلاد.  ثمّ يُردف قائلًا “وأن تحصل الإصلاحات بالإشتراك مع المجتمع المدني والشركات الخاصة”.  يعني إذا حصلت، كما توجبه ألأصول، في البرلمان ومن خلال مؤسّسات دستورية محترمة… ما بيمشي الحال؟؟  ونسأل: مَن يسمّي هذا “المجتمع المدني”؟  نفس “المجتع الديمقراطي العالمي” الذي فشل في تحقيق كلّ من أهدافه المعلنة وشعاراته، والذي لا يأبه إلّا لخدمة الإستعمار والإستعباد والإسـتـ…؟  ولماذا الشركات الخاصة؟  وهل هي نفسها تلك التي أخذت “المجتمع الدولي” إلى الإفلاس من طريق الليبيرالية المتفلّتة من كلّ قانون وقيد وفي كلّ مجال.. إلّا فيما يخصّ طمس حقوق الشعوب؟
  • “إنتخبوا صحّ ونحن معكم”. يعني إذا إنتخبتم ما “نحن” نعتبره “غير صحّ” فـَ“نحن” سنرمي بكلّ ما ترمز إليه الديمقراطية، وفي مقدّمها نتائج صناديق الإقتراع، في مزبلة التاريخ التي باتت تعجّ بتصريحاتكم وتضج بإنجازاتكم وتكاد تفجّ لعجزها عن تأمين المساحات اللازمة لإستقبال أمثال هذه الطروحات وكلّ مَن يطلقها !!
  • ثمّ يقول واصفًا الإنهيار التام والعام في لبنان: “عملية إحتيال كانت السبب في إنهيار لبنان”. وأمام هذا الإكتشاف “العلمي” الفريد نقول: وأين كنتم في هذه الأثناء وكنتم وأعوانكم وأسيادكم تسهّلون للمحتالين عمليات تهريب الأموال إلى “الجنّات الضريبية” التي أُنْشِئت لهذه الغاية، وأنتم “تمجّدون” الذين نفّذوا عملية الإحتيال هذه وتوزّعون الشهادات على أبطالها وتمنحونهم الجوائز والدروع، هُمْ أنفسهم، وما زال النهب في ديارنا عارمًا تحت ناظركم؟؟
  • وكان السيد الأممي قد تسلّم مذكرة من رؤساء جمهورية وحكومة سابقين هُمْ، بنظر غالبية اللبنانيين، السبب الرئيس في الإنهيار الذي تحسّر عليه “سيادة” الأمين العام، وقد طالبوا فيها بتطبيق قرارات دولية محدّدة، وليس القرارات الدولية، وقد غاب عنهم، غياب وجدانهم الذي لم يكن يومًا حاضرًا كما وحسّهم الوطني، غاب عن ذاكرتهم الطلب بتطبيق هذه القرارات على “دولة” العدو أسوة بدول العالم غير المارقة.
  • وإلى جانب ما سبق، نريد، وبإلحاح، التذكير أيضًا بمواقف هذا الأمين العام بالذات، الذي إستبشر العالم “خيرًا” من تعيينه، وهو المسؤول الرئيس البرتغالي اليساري (الهواية) السابق، والأمر هذا لم يتشفّع له لأنّه، وفور تعيينه في منصبه الجديد، أي بعد وصوله و”بأول شمعة على طوله”، قام بمنع نشر تقرير منظمة الإسكوا، الركن الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة التي يرْأس، الذي صدر تحت عنوان “الظلم في العالم العربي والطريق إلى العدل” نزولًا عند إعتراض العدو الإسرائيلي على مضمونه. كما وأنّه لم يكتف بذلك بل “أكمل” مسيرته” “الوظيفية” بمنع نشر تقرير لاحق للإسكوا عن التمييز العنصري (الأبارتهايد) الإسرائيلي تنفيذًا لأمر المنع الذي كان قد أصدره الصهاينة ما أفدى إلى إستقالة الدكتورة ريما خلف، ممثلة الأمين العام وأمين عام منظمة الإسكوا، من منصبها إعتراضًا على قراره الذليل.
  • أمّا ما فات “سيادته” الإفصاح عنه فكان سعيه (وهو سعي دائم… غير مشكور) إلى تغيير قواعد عمل القوات الدولية “بتوسيع دورها” المحدّد في القرار 1701، مهما كانت تعنيه هذه العبارة، والقوات الدولية متواجدة على طرف واحد من مواقع النزاع كما أشرنا، في مخالفة صريحة لأنظمة وقواعد عمل هيئة الأمم. ومن ثمّ “وضرورة التمكّن من حلّ المشكلات المتعلّقة بكامل الخطّ الأزرق” قال، ونذكّر سعادته أنّ هناك الحدود الدولية المعترف بها منذ دهر الأمم المتحدة وإتفاق الهدنة ولا لزوم لخطوط بألوان زاهية أو  ترسيمات “وسيطة” باساليب داهية أو حتى بحلول بتلاعيب واهية.
وكي لا يُفَسّر كلامنا على غير ما هو نقول، فكلّ هذه “الحركات” ترمي إلى العودة إلى عزف الأسطوانة نفسها: تجريد لبنان من عنصر قوّته الوحيد والذي ردع العدو وما زال يردعه من التفكير حتى في الإعتداء عليه، أرضًا وشعبًا وجيشًا وثرواتٍ.  نعم، هذا كان بيت القصيد لكلّ هذه الزيارة.  أمّا الباقي… فحشو كلام لا مغزى ولا معنى له وحتمًا لا فائدة منه.

وهل توضّح لكم الآن معنى عبارة أجنده (Agenda)؟

وهلّا  أدركتم؟ هذا هو بيت القصيد !

بيروت، 20 شباط 2022م.

عن mcg

شاهد أيضاً

الصين تبدأ بناء أكبر سد كهرومائي في العالم على هضبة التبت

رافعة بالقرب من سد محطة الطاقة الكهرومائية «وودونغده» على نهر جينشا بين مقاطعتي يونان وسيتشوان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *