العملة المشفرة (Cryptocurrencies) بريئه من خبر الإختلاس المتداول

كتب: د. محمد فحيلي، باحث في الإقتصاد وخبير مخاطر مصرفية.

اولاً، كل عمليات التداول على المنصات إلكترونية معرضة إلى مخاطر الإحتيال والإختلاس ولهذا تتطلب توخي أقصى درجات الحيطة والحذر وجمع كل ما قد يتوفر من معلومات عن المواقع المنوي الدخول إليها وإستشارة إختصاصيين قبل الدخول إلى هذه المواقع والوقوع في الفخ المحضر إلى الزائر!

أما بالنسبة للخبر الذي يتم التداول به عن خسارة عدد من اللبنانيين ملايين الدولارات بسبب إستثمارهم في العملات المشفرة، يجب لفت نظركم إلى الأخطاء المتعددة الجوانب التي تكلل بها هذا الخبر:
١. لا شأن للقطاع المصرفي اللبناني ولا للمودعين اللبنانيين بهذا العملية. هؤلاء هم أفراد أرادوا المقامرة بأموالهم. حتى كلمة توظيف أو/و إستثمار فهي كبيرة عليهم لأنهم كانوا على علم بأن الموقع binancesfund يدير عملية غير شرعية ومُصَنَف دون ال ١/١٠٠ من المؤسسات العالمية التي هي معنية بتصنيف هذه المواقع لجهة مصداقيتها؛ وبهذا من الضروري توقع مستوى خسارة كبيرة بغض النظر عن شهية هؤلاء الأفراد لجني أرباح كبيرة.
٢. عملية الإختلاس هذه طالت أفراد من كل أنحاء العالم وإستناداً للأخبار المتداولة قام موقع binancesfund بإبلاغ زبائنه عن عطل تقني يتم معالجته وسوف يتعذر على الجميع الوصول إلى مخزونهم من الأموال المشفرة، ومن هنا تبدأ عملية الإحتيال.
٣. المبالغ التي تم الحديث عنها خسارة للبنانيين، بين ١٢٥ و ٣٠٠ مليون دولار أميركي، هي مُبالغ فيها جداً. كثير من الأفراد أرادوا فقط التواجد في عالم العملة المشفرة ولم يتعدى ذالك المبالغ الزهيدة (من 200 إلى 300 دولار).

يجب لفت إنتباه القارء إلى أنه نشطت العملة المشفرة (أو الرقمية) وإزداد التداول بالموجودات الرقمية في الآونة الأخيرة للأسباب التالية:
١. تَشَدُدْ السلطات الرقابية حول العالم إلى ضرورة الإمتثال إلى إجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب من قبل المؤسسات المالية دفع بالجريمة المالية إلى اللجوء إلى خيارات أخرى خارجة عن رقابة هذه السلطات ويصعب تعقب عمليات التحويل والاستلام فيها وهذه هي من أهم ميزات العملات المشفرة.
٢. كثافة تواجد الأفراد (عددياً، ولجهة الوقت، ومن كل الأعمار، ومن كان مُلِمْ بإستعمال الإنترنت وغيره) “أونلاين” (online) بسبب جائحة كورونا فتح شاهية المجرمين للإستغلال والإختلاس وإرتكاب الجرائم الإلكترونية.
٣. وبسبب الخوف الذي زرعته جائحة كورونا بقلوب أغلبية الناس تراجعت أهمية المخاطر المالية أمام مخاطر الحياة والصحة وإنعكس ذلك شهية كبيرة بإتجاه التوظيفات ذات المخاطر العالية كالعملات والموجودات الرقمية.

وفي المقلب الآخر واكب هذا الواقع:

  • توفر الحاسوب (Computer) والهاتف الخليوي بأيدي كل فرد تقريباً.

  • إحياء عملات مشفرة كانت قد تم إكتشافها في وقت سابق، وتوفرت بأسعار متعددة تراوحت بين 0.1101$ و 56,399$ للوحدة وهذا وسع رقعة إمكانية الإنخراط في هذه الأسواق لشريحة كبيرة من الناس وأعطى الأيدي الشريرة فسحة واسعة لإعطاء إغراءات كاذبة ومذيفة وخصوصاً أن التغيرات في أسعار العملات المشفرة وكيفية تخزينها قد يغيب عن أغلبية الناس.

  • تراوحت كلفة إنشاء منصة للتداول بالعملات المشفرة والموجودات الرقمية بإسم مستعار بين 150 و 200 دولار أميركي.

في الختام، مع تقدم التكنولوجيا وإرتفاع منسوب التحول الرقمي (Digital Transformation) والإعتماد على التكنولوجيا في كل مرافق حياة كل فرد منا، إرتفع أيضاً إحتمال وقوع الجريمة الإلكترونية (Cyber Crime) وأيضاً وقوع الأخطاء من جراء إستعمال هذه التكنولوجيا المتقدمة. لهذا يتوجب على كل واحد منا أن يتوخى أقصى درجات الحيطة والحذر قبل الإنخراط في التداول (شارياً و/أو بائعاً) بأي من المنتجات الرقمية والمشفرة.

عن mcg

شاهد أيضاً

فتوح يعول اهمية كبرى على دور المصارف العربية في عملية التنمية العربية

اطلق اتحاد المصارف العربية دراسة حول اقوى ١٠٠ مصرف عربي من حيث رأس المال الاساسي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *