مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة”: تسارع في التدهور الاقتصادي

مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة”: تسارع في التدهور الاقتصادي..

 كان مشهد الأسواق مؤسفاً في الفصل الثاني من هذه السنة، مع قرار أكثر من 40 % من المحال والمؤسسات التجارية بالإقفال النهائي ووقف النشاط، في حين ظلـّـت المؤسسات المتبقـّـية تبحث عن سبلٍ لإستعادة ولو جزءٍ ضئيل من نشاطها … فالأسعار إرتفعت على نحو كبير، والنقود قلـّـت بين أيادي اللبنانيين المقيمين – من جرّاء تزايد أعداد العاطلين عن العمل وتدهور قيمة أجور العاملين في القطاع العام وأيضاً في القطاع الخاص في معظم الأحوال، علاوة على الأعداد الكبيرة من اللبنانيين الذين اتخذوا قرار الهجرة.

جاء ذلك  في “مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة” للفصل الثاني من سنة 2021 (Q2 – 2021)، ومما ورد فيه:

“شهد الفصل الثاني من هذه السنة تراجعاً ملحوظاً في عدد الإصابات والوفيات من جراء وباء الكورونا، كما شهد إلغاءً لأحكام الإقفال والحجر، ورجوعاً تدريجياً الى حالة شبه طبيعية في البلاد، مع الحفاظ على كل التدابير الوقائية – لا سيما في المنافذ والمؤسسات التجارية، ومع حملات تلقيح متتالية بدأت تطال شرائح أكبر من المجتمع اللبناني.

فرجع من رجع من محال ومؤسسات تجارية لمزاولة الأعمال، إنما رجوع الحركة الى الأسواق كان أكثر من خجول، لا سيما في ظل إستمرار التراجع في القدرة الشرائية لدى الأسر اللبنانية، وغلاء الدولار، والتخبـّـط في خطّة الدعم وصعوبة الحصول على مواد مدعومة، لا سيما من دواء ومستلزمات طبية ووقود للسيارات أو مازوت، التي ما زال تهريبها الى البلاد المجاورة ناشط نظراً للفروقات الكبيرة في أسعارها؛ الأمر الذى أدّى الى أزمات تموينية حادّة لدى المواطنين اللبنانيين، علاوة على الإدراك من أن قسماً كبيراً من الأموال التي يخصـّـصها البنك المركزي للدعم – والتي  تـُـغرَف من إحتياطيات ودائع اللبنانيين، تعود للأسف بالنفع لغيرهم، ممّا إستدعى وقفة صارمة من قـِبل جمعية المصارف مؤخراً، لا سيما عندما بات الأمر يمسّ باللجوء الى الإحتياطي الإلزامي، كما إستدعى مقاربة مستجدّة من قـِـبل البنك المركزي لجهة إمداد خزينة الدولة فقط مقابل تعهـّـدات رسمية بالإيفاء وفقاً للقوانين السارية.

وسط هذه الأجواء المشحونة، كان مشهد الأسواق مؤسفاً، مع قرار أكثر من 40 % من المحال والمؤسسات التجارية بالإقفال النهائي ووقف النشاط، في حين ظلـّـت المؤسسات المتبقـّـية تبحث عن سبلٍ لإستعادة ولو جزءٍ ضئيل من نشاطها … فالأسعار إرتفعت على نحو كبير، والنقود قلـّـت بين أيادي اللبنانيين المقيمين – من جرّاء تزايد أعداد العاطلين عن العمل وتدهور قيمة أجور العاملين في القطاع العام وأيضاً في القطاع الخاص في معظم الأحوال، علاوة على الأعداد الكبيرة من اللبنانيين الذين إتـّـخذوا قرار الهجرة.

فظلّ تركيز الإستهلاك بالتأكيد على المواد المعيشية الأساسية من غذاء ودواء ووقود. بدأت السوبرماركتس ومحلات المواد الغذائية تنذر بالتقنين في ساعات الإفتتاح، لعدم تمكّنها من توفير الكهرباء فيها بشكل دائم، ونقصت السلع على الأرفف، وإستـُـبدلت تلك التي كان اللبنانيين معتادين عليها بسلع أخرى أقل جودة ونوعية بسبب غلاء الأسعار.. في حين كانت الجهات الرسمية تطول تشاوراتها حول الدعم والبطاقة التمويلية، دون جدوى أو نتيجة، ما عدا رفع سعر حصول مورّدي الوقود على العملة الصعبة الى 3.900 ل.ل. للدولار.

جاء ذلك تزامناً مع تورّط عدد كبير من التجار – ولا سيما مستوردي المواد الغذائية، بالحصول على موافقة البنك المركزي للإستيراد بالأسعار المدعومة، وإنتظار تحصيل دعم البنك المركزي دون جدوى لغاية اليوم.. فمنهم من وزّع السلع على الأسواق بالأسعار المدعومة، ومنهم مما زالت تلك البضائع قيد التخليص في الموانىء أو تمّ شحنها، بناءً للأسعار المدعومة. وإن لم يتم تغطية أكلاف تلك البضائع بالسعر المدعوم وقعت الخسائر الفادحة وأوقعت المشاكل بين المستوردين اللبنانيين والمورّدين في الخارج.

ولجهة الأوضاع النقدية والمالية في الدولة، يًسجـّـل لوزارة المالية قرارها التمديد مجدّداً لمهل التصريح وسداد المتوجـّـبات من أعمال لسنة 2019 ورواتب وأجور للمستخدمين والأجراء وغيرها من مستحقـّـات، كما تجدر الإشارة الى قيام حاكمية مصرف لبنان بإطلاق منصـّـة “صيرفة” عبر المصارف لتأمين الدولارات لإحتياجات التجار بسعر يتم تحديده أسبوعياً (وكان أول سعر تمّ تحديده عند مستوى 12.000 ل.ل. للدولار)؛ أما التعميم 158 الذى يتم بموجبه صرف مبالغ دولارية وما يعادلها بالليرة اللبنانية، فما زال موضع بحث آلية التنفيذ… ولا تحسـّـن في ميزان مدفوعات الدولة ولا بنسبة الدين أو الناتج المحلي، ولم يطرأ أي تطوّر لجهة إعادة التواصل مع صندوق النقد الدولي، أو إحراز أي تقدّم مع البنك الدولي، في غياب قيام حكومة تصريف الأعمال بأي خطوة في إتجاه الإصلاحات المطلوبة من قبل الجهات المانحة والمجتمع الدولي .. وكانت قد أوضحت كل تلك الجهات مراراً أنها لن تقوم بمدّ يد العون للبنان قبل تشكيل حكومة مهمـّـة وحصول تغييرات وإصلاحات جذرية.

إذاً إزدادت الأوضاع صعوبة خلال هذا الفصل، وظلّ التجار – كما منذ أشهر طويلة، لا بل سنوات، صامدين يحاربون على كل الجبهات لصون ديمومة مؤسساتهم، من جهة، إنما أيضاً للحفاظ على موظفيهم وتأمين العيش الكريم لهم، من جهة أخرى.

وسط تلك الأجواء، واصل الدولار إرتفاعه متخطـّـياً الـ 15000 ليرة  قي الفترة قيد الدرس، ومن ضمن العوامل المؤثرة، كان بالطبع للضبابية التي سادت حول كيفية وشمولية وتاريخ رفع الدعم دوراً كبيراً، وأيضاً لإستمرار عمليات التهريب الى خارج لبنان، وسجـّـل مؤشر غلاء المعيشة الرسمي الصادر عن إدارة الإحصاء المركزي (CPI) إرتفاعاً شديداً ما بين الفصل الثاني لسنة 2020 والفصل الثاني لسنة 2021 حيث سجـّـل نسبة + 100.64 % (بعد أن كانت تلك النسبة قد بلغت + 157.86 % في الفصل السابق)،

في حين بلغت النسبة + 25.38 % ما بين الفصلين الأول والثاني لسنة 2021 (بعد أن كانت قد سجـّـلت + 16.52 % في الفصل السابق له)، وبذلك تكون قد سجـّـلت مرة أخرى إستمراراً، لا بل تسارعاً ملحوظاً، في إرتفاع الأسعار.

إذاً زيادة إضافية في الأسعار في كافة القطاعات، تُـثـقل كاهل الأسر اللبنانية، وتُكبـّـل الحركة الإستهلاكية المحكومة أصلاً بالتقنين والترشيد لدى أكثرية الشعب اللبناني ما عدا حاملي الدولارات، وإن كان هنالك بعض الحركة الإيجابية بالمقارنة مع الفصل الثاني من السنة السابقة، فما هو إلا نتيجة لشبه إنعدام الإستهلاك في ذلك الحين بحكم الحجر والإغلاق.

وبعد التدقيق في أرقام الأعمال المجمـّـعة الإسمية (Nominal) لقطاعات تجارة التجزئة ما بين الفصل الثاني من 2020 والفصل الثاني من 2021، نلاحظ أن هنالك إرتفاعاً في الأرقام بنسبة + 5.61 % بعد استثناء قطاع المحروقات، وهذا ليس بمفاجئ نظراً لأن الفصل الثاني من سنة 2020 كان فصل حجر وإقفال ولم تعمل فيه سوى قطاعات قليلة كانت تستقبل الزبائن بعد حصولهم على الموافقة المسبقة من المنصـّـة (على الأقل في جزء من المناطق اللبنانية)، في حين أن الحركة الإستهلاكية في الفصل الثاني من سنة 2021 لم يكن عليها قيود إقفال أو تنقـّـل، إنما كان عليها قيود أشدّ، ألا وهي قيود القدرة الشرائية !

أما بعد التثقيل بنسبة مؤشر غلاء المعيشة ما بين الفصل الثاني من 2020 والفصل الثاني من 2021، يتبيـّـن أن تلك الأرقام شهدت خلال الفصل الثاني من سنة 2021  إستمراراً للإنحدار الدراماتيكي الحاصل في كل قطاعات الأسواق التجارية، بنسبة تكاد تلامس المئة بالمئة، (مع الزيادة في إرتفاع مؤشر الغلاء والذى بلغ نسبة  100.64 % بعد نسبة 157.86 % التي سجـّـلها في الفصل السابق له)، علماً بأن قطاع المحروقات قد شهد إرتفاعاً من حيث الكميات يناهز 26.94 % بالمقارنة مع مستويات الفصل الثاني لسنة 2020، وهذا أيضاً ليس بمفاجئ).

وبالنظر الى أرقام الفصل الثاني من هذه السنة بالتفصيل، يتبيـّـن أن أرقام أعمال تجارة التجزئة خلال هذا الفصل شهدت كلها هبوطاً حاداً باستثناء:

       قطاع الوقود كما سبق وذكرنا،

       وأيضاً قطاع الأجهزة الطبية (+ 65.98 %)، إنما تدهور في قطاع السلع الصيدلانية في المقابل،

       وإنخفاضاً بسيطاً (بالمقارنة مع باقي القطاعات) في قطاع معدّات البناء حيث كان الهبوط معتدلاً (- 7.59 %).

من جهة أخرى، تسارع إرتفاع مؤشر غلاء المعيشة الفصلي، حيث بلغ ما بين الفصلين الأول والثاني لسنة 2021 نسبة + 25.38 % (وهي أكثر من الـ 16.52 % التي شهدناها في الفصل السابق)، وكان هنالك تباين في نشاط القطاعات، حيث شهد البعض منها تحسـّـناً في حين ظلّ التراجع يسود في البض الآخر.

عليه، جاءت النتائج المجمـّـعة لكافة قطاعات تجارة التجزئة لتسجـّـل – مقارنة بمبيعات الفصل الأول لسنة 2021 (التي كانت هي الأخرى متدنية جداً)، تراجعاً إضافياً في أرقام الأعمال الحقيقية المجمـّـعة، بلغ نسبة – 6.39 % بعد استثناء قطاع الوقود والمحروقات (الذي سجـّـل زيادة بنسبة 31.05%).

في ضوء ما سبق، وبعد الإشارة الى أن المؤشر الأساس (100) الذي قد تم تبنـّـيه هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأن تضخم الأسعار خلال الفصل الثاني من سنة 2021، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ + 25.38 %. نعلن عن أن “مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة” هو: 4.89 للفصل الثاني من سنة 2021 مقابل 4.94 في الفصل الأول من هذه السنة”.

عن mcg

شاهد أيضاً

التقرير الأسبوعي لبنك عودة ماذا فيه:

وسط جهود دبلوماسية متواصلة لوقف إطلاق النار في لبنان، فيما من المرجّح أن يشهد الاقتصاد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *