شركة «نيسان موتورز»تدخل مرحلة تحول تاريخية

almontasher – ارم بيزنس –

تعيش شركة «نيسان موتورز» مرحلة تحول تاريخية بعد سنوات من التحديات والأداء المتراجع، بخاصة بعد فشل محاولة اندماجها مع منافستها «هوندا» ودخولها في عملية إعادة هيكلة واسعة تهدف إلى إنقاذ إرثها العريق.

فمع إطلاق خطة الإنقاذ الشاملة (Re:Nissan)، بقيادة رئيسها التنفيذي الجديد إيفان إسبينوزا، تسعى الشركة لإعادة بناء نفسها من الداخل وتحديد مسار جديد يعيدها إلى قلب المنافسة العالمية بقوة وثقة.

وتمثل خطة (Re:Nissan) استراتيجية جريئة ومدروسة تهدف إلى معالجة التحديات الهيكلية التي واجهت الشركة في السنوات الأخيرة، حيث ترتكز الخطة على ثوابت أساسية تشمل خفض التكاليف، وتحسين كفاءة التصنيع، وإعادة هيكلة القوى العاملة.

وشملت الإجراءات الأولية قرارات صعبة وضرورية، كإغلاق 7 مصانع حول العالم ما سيقلص العدد من 17 إلى 10 مصانع فقط، وإعادة تنظيم مكاتب التصميم في أميركا الجنوبية، إضافة إلى تقليص القوى العاملة بنسبة 20%.

وتستهدف من خلال هذه الإجراءات تحقيق وفورات في التكاليف تصل إلى 1.7 مليار دولار بحلول عام 2027، وهو ما يعادل حوالي 500 مليار ين ياباني.

هذا الهدف الطموح يعكس جدية الإدارة الجديدة في استعادة الربحية وتحسين هوامش الربح، التي تآكلت بفعل المنافسة الشديدة والتكاليف المرتفعة.

وأحد أبرز ملامح الخطة الجديدة هو التحول في استراتيجية الشركة تجاه السيارات الكهربائية.

فبدل التوسع المفرط والمكلف في سوق السيارات الكهربائية التي تشهد تباطؤاً عالمياً، تراهن «نيسان» الآن على المرونة والاستفادة من الطلب المتزايد على الطرازات الهجينة وسيارات الاحتراق الداخلي ذات الكفاءة العالية، فهذا التوجه لا يعني التخلي عن السيارات الكهربائية، بل يعكس رؤية أكثر واقعية توازن بين متطلبات السوق الحالية والاستثمار في مستقبل التنقل المستدام.

في هذا السياق، تواصل العملاقة اليابانية تطوير تقنيتها الهجينة المبتكرة «إي باور» (e-Power) التي تقدم تجربة قيادة شبيهة بالسيارات الكهربائية مع كفاءة عالية في استهلاك الوقود.

كما تخطط الشركة لإطلاق طرازات هجينة جديدة، مثل «روج بي إتش إي في» ( Rogue PHEV) في العام الحالي، لتلبية طلب شريحة واسعة من العملاء الذين يبحثون عن حلول وسط بين السيارات التقليدية والكهربائية بالكامل.

وبدأت بوادر نجاح الاستراتيجية الجديدة تظهر في أرقام المبيعات. فرغم التحديات العالمية، أظهرت «نيسان» أداء قوياً في أسواق رئيسية.

وانخفضت المبيعات العالمية للشركة بشكل طفيف في 2024 لتناهز 3.348 مليون وحدة، منها 924 ألف مركبة في الولايات المتحدة، مقارنة بـ3.374 مليون في عام 2023.

وعلى الرغم م ذلك، شهدت أسواق أميركا الشمالية وأوروبا نمواً، بينما تراجعت المبيعات في الصين واليابان بشكل ملحوظ.:

في الشرق الأوسط، سجلت «نيسان» نمواً بـ10% في السنة المالية 2024، مدفوعاً بزيادة مبيعات سيارات الدفع الرباعي مثل «باترول» و«كيكس»، حيث تعكس هذه الأرقام، خاصة في السوق الأميركية، عودة ثقة العملاء في منتجات الشركة.

شهد بداية عام 2025، نكسة كبيرة للشركة بخروجها من قائمة أكبر 10 شركات سيارات عالمياً لأول مرة منذ سنوات، فتراجعت مبيعات النصف الأول من العام 6%، لتسجل 1.61 مليون سيارة.

لكن في الربع الثالث، عادت مبيعات «نيسان» إلى الارتفاع بـ5.3% في الولايات المتحدة، ما يرجع بشكل كبير إلى «نيسان ون» (Nissan One) وهو برنامج حوافز ومكافآت جديد أطلقته الشركة لتنشيط مبيعات السيارات الجديدة في شبكة وكلائها – لتشهد طرازات «فيرسا» (+41%)، و«كيكس» (+47%)، و«باثفايندر» (+22%) زيادات ملحوظة في المبيعات، بحسب بيانات الشركة.

وعلى الرغم  من انسحاب طراز «آريا» (Ariya) – وهي سيارة رياضية متعددة الاستخدامات (SUV) كهربائية بالكامل- من السوق الأميركية مؤقتاً، تواصل الشركة تقديم سيارات منافسة مثل «ليف»، التي لا تزال واحدة من أرخص السيارات الكهربائية في فئتها بسعر يقل عن 30 ألف دولار، وفق موقع «سوبر كار ماركت».

وأشار خبراء في السوق لـ«سوبر كار ماركت»، إلى أن مستقبل «نيسان» يبدو واعداً في ظل خططها الطموحة لإطلاق طرازات جديدة ومحدثة.

من بين هذه الخطط، إطلاق جيل جديد من سيارة «سنترا» لمنافسة «هوندا سيفيك»، وعودة أيقونة الطرق الوعرة «إكستيرا» في عام 2028، والأهم من ذلك، تأكيد الشركةعودة الأسطورة «جي تي آر»، بلا شك، ما يثير حماس عشاق السيارات الرياضية حول العالم.

إن (Re:Nissan) ليست مجرد خطة لخفض التكاليف، بل رؤية متكاملة لمستقبل الشركة واستراتيجية واقعية توازن بحكمة بين الشغف والتقشف، مستقبل مبني على الابتكار، والكفاءة، والقدرة على التكيف مع متغيرات السوق الديناميكية، فهل ستنجح «نيسان» باستعادة مكانتها كلاعب رئيسي في صناعة السيارات العالمية؟