محمد فحيلي:اصبحنا على ما توقعناه في خلال سنوات الأزمة، والدولار إلى الإرتفاع درّ!

نقاط الألم لدى اللبنانيين متجذرة في غياب الإصلاحات وليس في تدهور العملة! 

محمد فحيلي، خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد

سجّل سعر صرف الدولار في السوق السوداء إرتفاعاً كبيراً، حيث وصل إلى عتبة ال 47000 ليرة للدولار الواحد. وبذلك تٌستكمل التداعيات السلبية لدولار ال 15000 ليرة الذي شُرِّع بموازنة ال 2022، وواكبه حاكم مصرف لبنان بالإفصاح عن توجه لدى المركزي بإعتماد سعر الصرف الجديد هذا في السحوبات الاستثنائية إبتداء من شباط 2023.نعم …سوف تشهد أسواق الصرف تقلبات بمنحى تصاعدي للوصول إلى سعر صرف جديد (كما كان من أيام قليلة بين ال 35000 و ال 40000)؛ توقعاتي سوف يكون بين ال 45000 و ال 50000 ليرة للدولار الواحد مع نهاية الفصل الأول من السنة المقبلة 2023 أو حتى قبل ذلك. ولكن مع بقاء القيمة الشرائية لليرة ذاتها – أي ما تشتريه ال 40000 ليرة اليوم سوف يكون ثمنه على 50000 ليرة عندما يستقر السوق على سعر الصرف الجديد؛ وصيرفة تتجه ببطء نحو ال 35000 ليرة، وقد يكون أكثر وفق أهداف السياسة النقدية.الأرضية الإقتصادية تتحضر لسعر الصرف الجديد بإنتاج وإخراج:– مستوردي المواد الغذائية– وتجار المال (نقاط الصيرفة صيادي الدولار الأبيض للتداول لجني الأرباح السوداء)– والمضاربين– والمحتكرين– وتعنت المصارف عن أخذ المبادرة لإطلاق عجلة إصلاح جدّية تنطلق من التواصل الإيجابي مع المودعين.– وإمتناع القطاع الخاص عن ممارسة الرقابة الذاتية التي هي من إختصاصه وصلاحياته وواجباته في ظل غياب أي دور فاعل للقطاع العام.غياب الرقابة والقضاء (والحمدلله على الأمن) سوف يؤسس لمساحة إضافية للمضاربة وتجفيف القدرة الشرائية لأصحاب الدخل المحدود، والمتضرر الأكبر هو اليوم موظف القطاع العام.إصرار القطاع الخاص على التمسك بدعم السلطة الفاسدة والإستفادة منها أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم. الرسوم والضرائب تحدد وتُدفع على القيمة الإقتصادية الحقيقية والفعلية للنشاط الإقتصادي سواء كان هذا النشاط إستيراد، تصدير، عمالة (أي رواتب وأجور)، إلخ. التمسك بدولار ال 1500 ليرة، أو حتى ال 15000 ليرة، له وجه واحد وهو التمسك بالإستمرار بطلب دعم الدولة من جيبة المواطن. جزء كبير من مكونات القطاع الخاص تَمَسَكَ بالدعم العشوائي للإستيراد في السنتين الماضيتين متحصننا بالمحافظة على مصلحة المستهلك/المواطن وكلنا نعلم بأن المتضرر الأكبر من هذا الدعم كان المواطن.قانون الموازنة العامة لسنة ال 2022 الذي أُقِرَ في الفصل الأخير من السنة هو الذي، بسبب جهل أو/و تجاهل مكونات الطبقة السياسية الحاكمة، أسس لواقع نقدي جديد دفع إلى هذا الإرتفاع بسعر صرف الدولار. منذ بداية سنة 2022 ومصرف لبنان يحاول أن يحافظ على كتلة نقدية بالعملة الأجنبية يوظفها لصرف رواتب وأجور موظفوا القطاع العام عبر منصة صيرفة (وتكون أشبه بمجلس نقد – Currency Board )، عوضاً عن صرفها بالليرة اللبنانية لتفادي إحداث ضغوطات تضخمية وفلتان في أسعار الإستهلاك. والحقيقة هي أن الإرتفاع بسعر الصرف في هذه الأيام:1. ليس بإرتفاع جنوني،2. هو إرتفاع متوقع من قبل السلطة النقدية وتحت السيطرة،3. تُرك عمداً لتفادي إرتفاع جنوني بأسعار السلع والمواد الإستهلاكية.وفي المقلب الآخر غياب الرقابة من قبل السلطات صاحبة الإختصاص في الدولة؛ وغياب الرقابة الذاتية من قبل مكونات القطاع الخاص هي السبب وراء هذا الهلع. إضافةً، الترغيب والترهيب الذي تمارسه “الصحافة المتخصصة” بحثاً عن متابعين ومشاركين ومتفاعلين مع ما تنشره من سيناريوهات رعب تساهم في إحداث المزيد من الآلام لدى المستهلك اللبناني.هذا كله يحصل وقد يكون هناك من تداعيات سلبية إضافية إذا تمسكت مكونات السلطة السياسية الحاكمة والمتحكمة بالبلاد والعباد بعدم إقرار الإصلاحات وتنفيذها.

عن mcg

شاهد أيضاً

رصيف صحافة اليوم الاربعاء 23 تشرين الاول 2024

صالانباء:   زيارة هوكشتاين “وداعيّة”… والحسم ليس قريبا!… التصعيد الذي سبق وتلا الزيارة من العدو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *