عبد الهادي محفوظ
رئيس المجلس الطني للاعلام
امر ايجابي انعقاد مؤتمرات لبنانية، تحاول إعادة الاعتبار للاعلام اللبناني ومكانته في العالم العربي. وبهذا الملف شكّل «منتدى الاعلام» خطوة بهذا الاتجاه، لكنها خطوة غير كافية وناقصة، برغم النيات الحسنة لوزير الاعلام الدكتور بول مرقص، و «الرغبات الايجابية» للأمين العام للملتقى الدكتور ماضي عبد الله الخميس، ومعه الأمين العام للجامعة العربية السيد أحمد أبو الغيظ.
فحتى تكون بيروت عاصمة الاعلام العربي، يفترض أولا أن تمتلك الدولة رؤية اعلامية للاعلام في لبنان، وللأسباب التي أدّت إلى خسارة موقعه في العالم العربي، وتراجعه من اعلام أول إلى اعلام رابع أو خامس، حتى لا تُتهم الدولة بأنها دولة فاشلة على ما يقول توم باراك.
رؤية الدولة الاعلامية ليست مجرد كلام، بل تبدأ بمعرفة للواقع الاعلامي اللبناني من مرئي ومسموع والكتروني ومكتوب. وأساس هذه الرؤية الاعلامية، هي الحرية الاعلامية التي تميّز لبنان عن محيطه في العالم العربي، حيث الاعلام هو اعلام الحاكم. وهذا ما جعل الاعلام اللبناني في الستينات والسبعينات مؤثرا في العالم العربي، سواء تلفزيون لبنان الذي عرف النور كأول تلفزيون عربي، أو صحيفة النهار ومجلة الحوادث، ومن ثم قناة (LBC) التي استعان الاعلام الخليجي لاحقا برئيس مجلس إدارتها الزميل بيار الضاهر، لتأسيس العديد من القنوات التليفزيونية. إنما بدءا من العام 1975 أصبح الاعلام اللبناني إعلاما طوائفيا واعلام متاريس وزواريب وفقد صدقيته.
الرؤية الاعلامية ترتكز على فكرة مخاطبة المواطن، في وطن لا المواطن في طائفة، وإلى نبذ الطوائفية السياسية، وتغليب المشترك بين اللبنانيين، وتطبيق القانون المرئي والمسموع وقانون المطبوعات في حال المخالفة.
فالاعلام المرئي والمسموع يحدد القانون مصادره المالية من مكانين فقط: الإعلان والصناعة الدرامية، باعتبار أن البث التليفزيوني هو مجاني استجابة لحق المواطن في الاطلاع والاستطلاع. والسؤال ألا تتساءل الدولة من أين تأتي المؤسسات التلفزيونية والإذاعية بمصادرها المالية؟ هذه ناحية أما الاعلام المكتوب فمصادره المالية تأتي من الاعلان ومبيع الصحف، وهي مصادر أصبحت شحيحة بحكم الدورة الاقتصادية، وبكون كلفة الصحيفة أصبحت أكثر من سعر المبيع.
واستطرادا الاعلام المكتوب لم يعد إعلام الخبر والمعلومة، بسبب الاعلام الالكتروني الذي هو إعلام اللحظة والانتشار والسرعة. وكذلك فإن الاعلام المكتوب مرهون في استمراره، لأن يتحول إلى إعلام استقصائي وتحليلي واستقرائي، ومتابع للتحولات السياسية العميقة، وتحديدا السياسة الأميركية الفاعلة.
وكذلك، فإن استعادة موقع لبنان العربي يملي فتح المجال أمام الرساميل العربية والأجنبية، للمشاركة في تأسيس مؤسسات إعلامية مرئية ومسموعة تلتزم بالقوانين اللبنانية. ذلك أن القانون المرئي والمسموع رقم 382/94 لا يجيز للعرب والأجانب أن يكونوا مساهمين في المؤسسات. وهذا خطأ جوهري ينبغي أخذه في الاعتبار، عند إقرار القانون الموحد للاعلام. أكثر من ذلك، لا بد من ربط السياسة التعليمية بسوق العمل. فهناك مئات الخريجين في كليات الاعلام، الذين لا يجدون فرصا للاعلام في السوق اللبناني، ويهاجرون ككفاءات بشرية ومتخصصة إلى الخارج، وتستعين بهم المؤسسات الاعلامية الخليجية.
ولذلك الدولة مدعوة لإقامة المدينة الاعلامية، التي تعتمد الاعلام الحر، والتي تستطيع إدخال خمسة مليار دولار إلى الخزينة اللبنانية على الأقل. كما تستطيع تشغيل 3000 صحافي ومخرج ومصور. ولبنان يمكن أن يستفيد من طبيعته المميزة، ومن توافر الكفاءات البشرية، ومن تبني حرية التعبير.
Al Montasher News