حيّان سليم حيدر :خمسون يومًا مرّت، وشهداء الحقّ يتزاحمون على طريق القدس مُعْلنين…”ميثاقنا الموت أو…”،
نوفمبر 25, 2023
413 زيارة

حيّان سليم حيدر
خمسون يومًا مرّت، وشهداء الحقّ يتزاحمون على طريق القدس مُعْلنين…“ميثاقنا الموت أو…”،
وعقود إنصرمت على قصيدة سليم حيدر، النابعة من وجع النكسة، وفيها تأكيدهم “… نحيي فلسطينا !”
إليكم :
ميثاقنا الموت أو نحيي فلسطينا !
في عيد المولد النبوي الشريف، على منبر
مدرسة الهدى في سعدنايل، عام 1969.
ذكـراكَ يـا صاحـب الـذكـرى تـناجـيـنـا
من شرفة المجـد، من عـلياء ماضـيـنا
تـهـوى عـلـيـنـا فـنهـوي فـي تخـاذلـنـا
مـفـاخـريـن بـمـا تـخــفـي مهـاويـنـا
يـكـاد يـنـتـصـب الـتـاريـخ يـسـألـنـا
مـن مسـلـمٌ عـربـيٌّ مـؤمـنٌ فـيـنـا ؟
مـن مسلـمٌ ؟.. ودُنـى الإسـلام لاهـيـةٌ
وفي دُنـى العرب مَـنْ؟ والعـرب ساهـونا
إن كـانَ… فليـصدق الـبرهـانَ صاحـبـُه:
يقصي عن المسجد الأقصى الصهايينا !
وكيـف؟ – والحرب عـلمٌ، حرف معـرفـةٍ
ونـحـن فـي الجـهـل مـا زلـنـا مجـلّـيـنا –
نـلـقـى عـدوًّا ، إذا مـا أشـرفـت عُـدَدٌ
مـنـه عـلـيـنـا حسبـنـاهـا شـيـاطـيـنـا ؟..
وكـيـف؟ – والـديـن طـهـر، عِــفَّـةٌ، خَـفَـرٌ
ونـحـن نـزجـي الأضـاحـي والـقـرابـيـنا –
يـأتـي الـمخـانـيـث فـي أزهـى مـعـاهـدنـا
مشـاهـدًا نـفّـرت حـتـى الـمـجـانـيـنـا
بـيـضَ الـبـرانـس والـسـوءات بـاديـةً
سـودَ الـنـفـوس، كسـالى، مـسـتـخـفّـيـنـا
مـاذا يُـرجَـى إذا الـفـرسـان فـي وطـنٍ
سـاروا إلـى حـومـة الـجُـلـَى مـفـاتـيـنـا؟..
وكـيـف؟ – والـديـن ذكـرى النـور منـبـثـقًا
مـن مصدر النور، في الظـلـماء يهـديـنـا –
مـحـت غــرائــزُنـا لألاءَ طـلـعــتـه
فــصـار يــوم تـحــدٍّ لـلـنـبـيــيـنـا ؟..
فـي كـل عـام لذكـرى المـصـطـفى عـرض
يـطـغى عـلى الـجـوهـر الذكـرى فـينسيـنـا
مــفــرقــعــاتٌ و أنــشــادٌ و ألــويـةٌ
والـلـعـب بـالـنـار نـصـلاهـا فـتـصلـيـنا
وبـهـرجٌ كـالـنـضـار الـزَّيْـف مـلـتـمـعٌ
وشـنـشـنـات عــن الإيـمـان تـقـصـيـنـا
من لـي بـمـن يـحـفـظ الـتـاريخ، يـنـفـحنا
مـنـه بـما يُـكـسب الـذكـرى تـلاويـنـا !..
ذكرى، هل الكـون ينسى؟ ما زها حَجَـرٌ
إلا بــرَوْهُ إلــهًـا لـلـمـصـلــيــنـا :
ثـورًا، حـصانًا، غـزالًا، عـقربًا، أسدًا …
مـا يستـحـبّـون ، أو قــل مـا يخـافـونـا
تـفــنَّـنَ الـنـاحــت الأضـامَ وافـتـتـنـت
نـوازع الـقـوم تـقـديـسًـا وتـزيـيـنـا !..
يـا سيّـد الـديـن والـدنـيـا ، أتـقـبـلـنـا
ونـحــن لا نـحـسـن الـدنـيـا ولا الـديـنـا ؟
جـهـادنـا فـي اتـقـاء الـجـهـد : مـائـعـةٌ
عـزائـم الـنـفـس ، والأحـداث تـبـلـونـا
وُرّاث مـن أسـلـمـوا قـولًا، ومـا عـرفـت
قـلـوبـهـم خـفـقـة الإيـمـان … غـافـيـنـا !
أيـن الـصعـالـيـك مـن صـحـراء خـامـلـةٍ
يـهـيـمـون عـلـى الـدنـيـا أسـاطـيـنـا ؟
مـشـوا حـفـاةً، عـراةً، عـزَّلًا، خـفـقـت
بـيـن الـضـلـوع نـفـوس تـأنـف الـهـونـا
فـدانــت الأرض لـلــديّـان وانــتـصـبـت
أرائــك الـعــدل والـتـقــوى مـوازيـنـا !
أحـفـادهـم – أيـكـون الـقــول مـنـطــبـقًـا
أن الـشـواهـيـن لـم تـنـجـب شـواهـيـنـا ؟ –
تـخـاذلـوا فـي غـمـار الـحـرب واقـتـتـلـوا
بـعـد الـهـزيـمـة ، واسـتـاقـوا الأظـانـيـنـا
بـعـضٌ عـلـى الـبـعـض عــدوانٌ وألـسـنـةٌ
وغـيــلـةٌ طـالـمـا غـالـت مـرامـيــنـا
كـأنـنـا جـنـد إسـرائـيـل نـنـصـرهـا ،
ونـحـن نـصـلـى حـمـيّـاهـا ، بـأيـديـنـا
و ” إنـمـا الأمـم الأخـلاق ” … واحَـزَنـي
أخـلاقـنـا خـلِـقـت واستـوحـلـت طـيـنـا !..
يـا ســيّـد الـعـرب الأسـيـاد، كـيـف غـدوا
فـي مـوكـب الـمـجـد أتـبـاعًـا مُـوالـيـنـا ؟
تـفـرّقــوا و تـعامـوا عـن حـقـيـقـتـهـم
وصافحـوا الـخـزي، لا يـدرون، جـاثـيـنـا
تـوزعـوا الأرض واخـتـصـوا بـهـا دُوَلًا
وأصـبـحـوا، دون سـلـطـانٍ، سـلاطـيـنـا !
فـيـم الـمـواثـيـق، و الأحـلاف صـالـيـة
لـلـشـرق تـجـذبـنـا، بـالـغـرب تـغـريـنـا
كـأنــنـا دمـيـة فـي الـيـم عـائــمـة
الـجــزرُ يـبـعـدنـا و الـمـدُّ يـدنـيـنـا !
هـذي الـسُّـمـوم الـتـي تـنـدسُّ فـي دَسَـمٍ
هــلا تـحـريـتُـمُ عــنـهـا الـثـعـابـيـنـا ؟
لا تعـبدوا الشمس إن غابت وإن بزغـت
الـشـرق والـغــرب أطـمـاع تـداريـنـا
تـحـالـفـوا ! مشـرقَ الـدنـيـا ومغـربَـهـا
كـنـتـم، فـعـودوا كـمـا كـنـتـم مـيـامـيـنـا
دعـوا الـمـواثـيـق فـي أطـمـاع سـادتـهـا
وحـقِّــقـوا الـعــروة الـوثـقـى مُـعـدّيـنـا
الـلـه خـطَّ عـلـى أكـبـادنـا قـدرًا :
مـيـثاقـنـا المـوت أو نحـيـي فـلسطـيـنا !
سليم حيدر
1969
____________________________________________________
لبنان، في 25 تشرين الثاني 2023م.