أحيت جامعة الروح القدس- الكسليك يوم المرأة العالمي حيث نظمت كلية إدارة الأعمال فيها طاولة مستديرة افتراضية عبر تطبيق Microsoft Teams بعنوان “المرأة في القيادة: إنجاز مستقبل عادل في عالم يسوده الكوفيد”، بهدف تسليط الضوء على الدور الريادي للمرأة في المجتمع، فشاركت فيها عميدة الكليّة د. دانيال خليفة فريحة، وكل من مسؤولة الاستراتيجية والشراكة الدولية في كاريتاس لبنان د. ريتا رحيّم، والمديرة التنفيذية لـ Malia Group جوان صراف شهاب، وحضرها ممثلون عن منظمة البنك الدولي إضافة إلى أساتذة وموظفي وطلاب الجامعة.
سلامة أيانيان
أدارت الطاولة المستديرة رئيسة برنامج الماجستير في الموارد البشرية (Paris II) الدكتورة مادونا سلامة أيانيان معتبرةً “أنه في ظل مواجهتنا لتحديات صعبة، تبرز الحاجة إلى شبك الأيادي على كافة المستويات لتحقيق المساواة. أما في لبنان فتتعاظم التحديات وتتكاثر المسؤوليات الواقعة على كاهل المرأة في خضم وضع اقتصادي يصعّب الحالة العامة أكثر فأكثر. ومؤخراً، كانت قد برزت حقائق جديدة، من مثل العمل بالحد الأدنى من القدرات، الوصول المحدود إلى الأموال، العمل والتعليم من المنزل وإدارة الأعمال المنزلية، التي تتطلب جميعها تعاوناً وثيقاً بين مختلف الأطراف المعنية، أكانوا رجالاً أم نساء. ولابد من الإشارة إلى أنّ جامعة الروح القدس- الكسليك هي مؤسسة تؤمن بتعزيز المساواة، وقد ظهر ذلك جلياً في تعيين أول امرأة لتولي منصب عميدة كلية إدارة الأعمال فيها منذ تأسيسها”.
خليفة فريحة
استهّلت الطاولة المستديرة بكلمة افتتاحية لعميدة كلية إدارة الأعمال د. دانيال خليفة فريحة التي أشارت إلى “استثنائية الأشهر الماضية حيث تسلل الكوفيد إلى كل منزل وعائلة. أما على صعيد الشركات، فجرى اتخاذ تدابير جذرية تتطلب قيادة إنسانية واستراتيجية في آن… هذا ويبدو واضحاً تأثير الكوفيد في الاقتصاد العالمي بحيث تعطّلت الأسواق واضطرت الشركات إلى تقليص أو إيقاف عملياتها وفقد الملايين وظائفهم وسبل عيشهم. وفي هذا الإطار، تشير الوقائع الحديثة إلى أن حياة المرأة الاقتصادية وإنتاجيتها ستتأثر أكثر من الرجل بفعل هذا الوباء لأنّ المرأة، في كل أنحاء العالم، تكسب أقل وتدخر أقل وتشغل وظائف أقل أماناً، أي أنّ قدرتها على امتصاص الصدمات الاقتصادية هي أقل من قدرة الرجل. لا يشكل الكوفيد تحدياً للأنظمة الصحية العالمية فحسب بل يختبر حسّنا الإنساني. فإنّ كل أفعالنا خلال أزمة كورونا وما بعدها يجب أن تهدف إلى بناء عالم أكثر عدالة واقتصادات مستدامة أكثر مرونة لمواجهة الأزمات المستقبلية”.
وأضافت: “من جهة أخرى، أكثر إيجابية، تشير دراسة حديثة نشرت في Harvard Business Review أن المرأة قادرة أن تقدم أداءً أفضل خلال الأزمة… وأنها تتمتع بالسمات التي يطلبها الموظفون من القادة مثل القدرة على تعلم مهارات جديدة، والصدق والنزاهة، وتفهم الضغط النفسي والقلق والإحباط… إلا أنه ومع استمرار الأزمة وتفاقمها، ينبغي على جميع القادة، بغض النظر عن جنسهم، أن يسعوا جاهدين لتلبية تلك الاحتياجات. وتبقى العبرة الأهم التي نستخلصها من هذا الوباء هو أن الإصلاح الاقتصادي يقوم على استجابة الرجل والمرأة على حد سواء، وضرورة وضع حياة المرأة الاقتصادية في قلب الاستجابة للوباء وخطط التعافي… ستكون النساء الأكثر تضرراً من هذا الوباء، ولكن، ستكون أيضاً العمود الفقري للتعافي منه في المجتمعات. لذا، فلنحافظ على إيماننا بالمساواة ونتعهد تطبيقها ليس كشرط من متطلبات حقوق الإنسان فحسب، بل كضرورة للبقاء والنمو”.
رحيّم
ثم ألقت مسؤولة الاستراتيجية والشراكة الدولية في كاريتاس لبنان الدكتورة ريتا رحيّم مداخلة بعنوان “المرأة في العمل الإنساني: استجابة لأزمة كورونا وانفجار بيروت” عرضت فيها لمسيرتها التعليمية والمهنية، “انتقلت من مجال الصيدلة إلى العمل الإنساني لأنني اكتشفت أن ما أريد القيام به في هذه الحياة هو المساعدة في تغيير حياة الآخرين، أردت العمل مباشرة مع الناس وتحسين مستقبلهم. في العام 2006 بدأت بالعمل مع جمعية أطباء بلا حدود ثم انتقلت إلى كاريتاس لبنان. أولاً، كنت رئيسة القسم الصحي حيث بدأت العمل لبناء فريق العمل، كما طوّرت وأطلقت قسم الطوارئ. بعد ذلك، قالوا لي أن منصب المدير العام هو شاغر، إلا أنني لم أتابع الموضوع لأنني كنتُ أعرف أنه منذ تأسيس الجمعية لم يتولَ هذا المنصب سوى رجال وبعمر معين. ولكن قلتُ لم لا، فلطالما فكرت بوجود امرأة على طاولة القرار، وهناك بدأت مغامرة جديدة. وبذلك أصبحت أول امرأة بعمر صغير تشغل هذا المنصب. من الطبيعي أن تواجه المرأة صعوبات وتحديات خلال وصولها إلى هذا المركز، ولكن ما فعلته هو التركيز فقط على عملي. فأجمل ما في العمل الإنساني هو عدم الجلوس وراء مكتب، بل النزول إلى الميدان ولمس تأثير القرارات في حياة الآخرين. وكنت دائماً أسأل “إلى أين نحن ذاهبون؟”، لاسيما في بلد مثل لبنان، لذا، عملت على إعادة بناء الهيكلية التنظيمية، وتأسيس أقسام جديدة، وتعزيز البنى التحتية، وتدريب الطاقم على حالات الطوارئ وتعزيز التواصل والرؤية المستقبلية”.
وتابعت بالقول: “مع بدء أزمة كورونا، ظهرت الحاجة للعمل من المنزل، وهذا ما كنا قد حضرنا له، وعمدنا إلى اطلاق خطة الطوارئ مع احترامنا الكامل للمصداقية والشفافية مع شركائنا والأطراف المعنية وضمان حماية فريق العمل. في ظل العمل الإنساني، يكمّل دور المرأة دور الرجل والعكس صحيح. وكان لإنفجار بيروت الوقع الكبير لإبراز دور النساء اللواتي كنّ في الصفوف الأمامية لمساعدة المتضررين. فجرى نصب الخيم في مناطق الإنفجار وقدمت النساء مساعدات على المستوى الصحي من خلال تأمين الاسعافات الأولية، الخدمات الطبية والمساعدة النفسية، كما على المستوى الاجتماعي من خلال توزيع المساعدات الغذائية ومواد التنظيف والوجبات الساخنة على المتضررين. عملت النساء جنباً إلى جنب مع الرجال لتنظيف الطرقات والمنازل والمحلات والمستشفيات. فكل امرأة قامت بما يجب أن تقوم به بغض النظر عن جنسها والمعايير السائدة والثقافة الاجتماعية. وبرز عمل المهندسات في المساعدة على إعادة ترميم المنازل والمحلات لإعادة الحياة إلى أصحابها”.
وختمت: “مع انتهاء ولايتي، كنت فخورة بعدة انجازات حققتها مع فريق العمل. وهنا، أتوجه إلى كل امرأة وأقول لها: “اكتشفي نفسك، اقبلي بأنك خائفة ومتعبة، استثمري بذاتك أولاً، احتفلي بنجاحك، اعرفي كيف تتعاملين مع هذه الحياة غير العادلة، ولا تضعي حدوداً لطموحك”.
شهاب
بعد ذلك، كانت مداخلة للمديرة التنفيذية لـ Malia Group جوان صراف شهاب بعنوان “قيادة المرأة في أوقات الأزمات: قصة شخصية” قدمت فيها لمحة عن مسيرتها الأكاديمية والمهنية مقدمةً عدد من التحديات التي واجهتها مثل إدارة العلاقات، مواجهة الأفكار النمطية حول التفرقة الجنسية، فشل المشاريع، التعامل مع عدة أزمات، توقف الأعمال، التوارث، القيام بأدوار مختلفة في آن… من دون أن يلغي ذلك وجود محطات ناجحة مثل تأسيس قسم الموارد البشرية، وصول المرأة إلى مراكز قيادية، الاستحواذ على وكالات جديدة، النجاح بالاحتفاظ بعلامات تجارية، تأسيس شركات فرعية في الخارج، احترام البيئة، تقدم العمل… ثم عرضت لسلسلة من السلوكيات التي من شأنها أن تضمن النجاح في عالم الأعمال، ومنها: تعدد الخيارات، تفهّم المحيط، التركيز على المهم، المرونة، اتخاذ المبادرة، المخاطرة والتعلم من الأخطاء، مساعدة الآخرين وطلب المساعدة، انتهاز الفرص، الامتنان، الإصغاء، التعلم من أجل مستقبل أفضل، تحسين الوضع القائم، تحمّل المسؤولية…”
كما تطرقت إلى الأولويات التي توليها أهمية كبيرة اليوم لاسيما لجهة “المحافظة على هذا الإرث، رفع نسبة رضى المستهلك، القيام بمشاريع توسعية، التعامل مع الأشخاص المناسبين، تنشيط المواهب وتطويرها، تعزيز مستوى الالتزام لدى الموظفين، تعزيز ثقافة تسمح بالابتكار، إدارة المخاطر… ثم تحدثت عن التدابير التي تتخذها الشركة في هذه الأوقات الصعبة التي نمر بها، وتقوم على حماية الموظفين، الاعتماد على التقنيات الرقمية، تعزيز صنع القرار للتعامل مع العقبات، القيام بمبادرات جديدة، التصرف على أساس قيم الشركة، إدارة المخاوف الصحية والوقائية، ضمان الاستمرارية الإنتاجية والتجارية… وختاماً، توجهت إلى الجيل الجديد من سيدات الأعمال عبر تشجيعهنّ على الإيمان بأنفسهنّ والعمل بجهد وعبقرية والتسلّح بالعلم…”