حذرت الدول المعرضة لتغير المناخ من أنها “على وشك الانقراض” إذا لم يتخذ أي إجراء لتجنب ذلك. ويأتي التحذير من قبل مجموعة من الدول النامية بعد تقرير تاريخي للأمم المتحدة قال إن الاحتباس الحراري يمكن أن يجعل أجزاء من العالم غير صالحة للسكن.
وقد وصف زعماء العالم بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون التقرير بأنه “جرس إنذار للعالم”.
لكن بعض أقوى ردود الفعل على النتائج التي توصل إليها جاءت من بلدان من المفترض أن تكون الأكثر تضررا.
وقال محمد نشيد، الرئيس السابق لجزر المالديف، والذي يمثل نحو 50 دولة معرضة لتأثيرات تغير المناخ: “نحن ندفع بأرواحنا ثمن الكربون المنبعث من شخص آخر”.
وقد نشرت “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) تقريرًا على موقعها الرسمي، تحذر فيه من سرعة تغير المناخ في العالم التي وصفتها بـ”غير المسبوقة منذ قرون أو منذ عدة آلاف من السنين .
ويتوقع التقرير أن تشهد الانبعاثات المستمرة للغازات الدفيئة تغيرًا في درجات الحرارة الرئيسية خلال ما يزيد قليلا عن عقد، وفقًا لموقع”غلوبال تشانج“.
التقرير الجديد، والذي جاء بعنوان “AR6″، يتألف مما يقرب من 4000 صفحة، وأعده 234 عالمًا من 66 دولة، وسلط الضوء على أن التأثير البشري أدى إلى تدفئة المناخ بمعدل غير مسبوق في آخر ألفي عام على الأقل.
وأكد التقرير أن موجات الحرارة في جميع أنحاء الولايات المتحدة أصبحت أكثر تواترًا منذ عام 1960، ولكن تم تجاهل ذكر أن التقرير يظهر أنها ليست أكثر شيوعًا اليوم مما كانت عليه في عام 1900.
ويتوقع الخبراء أن هذا الاحترار “يؤثر بالفعل على العديد من أحوال الطقس والمناخ في شتى أرجاء العالم”.
ومن المقرر أن يجتمع زعماء 196 دولة معًا في غلاسكو في نوفمبر المقبل، ومن المرجح أن يتبنوا تعهدات جديدة أكثر قساوة لتقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن تقرير مجموعة العمل ليس أقل من “رمز أحمر للإنسانية. وجرس إنذار يصم الآذان، ولا يمكن دحض الأدلة”.
وإضافة إلى ذلك، توقع التقرير أن يرتفع الاحترار العالمي بمعدل 1.5 درجة مئوية قرابة العام 2030 مقارنة بآخر التقديرات التي وضعت قبل ثلاث سنوات، ما يهدد بحدوث كوارث جديدة “غير مسبوقة” في العالم الذي تضربه موجات حرّ وحرائق وفيضانات متتالية.
وأضاف غوتيرش، “نحن في خطر وشيك للوصول إلى 1.5 درجة مئوية في المدى القريب، والطريقة الوحيدة لمنع تجاوز هذه العتبة هي من خلال تكثيف جهودنا بشكل عاجل، والمثابرة على المسار الأكثر طموحًا”.
وأضاف أن الحلول تتمثل في التوجه نحو الاقتصادات الشاملة والخضراء، فـ”الازدهار والهواء النظيف والصحة الأفضل هي أشياء ممكنة للجميع، إذا استجبنا لهذه الأزمة بتضامن وشجاعة”، على حد قوله.
وفي عام 2019، كانت تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أعلى من أي وقت مضى خلال ما لا يقل عن مليوني سنة، وكانت تركيزات الميثان وأكسيد النيتروس (أكسيد النيتروجين الثنائي) أعلى من أي وقت آخر خلال الأعوام الـ 800 ألف الأخيرة.
وزادت درجة حرارة سطح الأرض بشكل أسرع منذ عام 1970 مقارنة بأي 50 عامً
وتحدث التقرير عن ارتفاع متوسط مستوى سطح البحر العالمي بشكل أسرع منذ عام 1900 مقارنة بأي قرن سابق في الأعوام الثلاثة آلاف الماضية على الأقل.
وتوضح الوثيقة التي أصدرتها “الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ” أن انبعاثات غازات الدفيئة من الأنشطة البشرية مسؤولة عن حوالي ما مقداره 1.1 درجة مئوية من الاحترار بين عامي 1850-1900، ووجدت أنه في المتوسط على مدار العشرين عاما القادمة، من المتوقع أن ترتفع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية أو تتجاوزها.
يذكر أن إصدار التقرير تزامن مع موجة حر تجتاح عدّة مدن في العالم ويرافقها هواء جاف مما سبب حرائق غابات طالت عدّة منازل ومناطق سكنية مأهولة.
وامتدت حرائق الغابات لتشمل قارات أمريكا وأوروبا وإفريقيا وآسيا، إذ تجاوز عدد الحرائق هذا العام متوسط عددها في السنوات السابقة في الكثير من الدول.
وتجاوز متوسط المساحات التي التهمتها الحرائق المندلعة في غابات إيطاليا وفرنسا ورومانيا مساحات المناطق التي طالتها الحرائق خلال الـ12 عامًا الماضية.