أظهرت البيانات الصادرة عن منتدى الدول المصدرة للغاز اتجاها تصاعدياً في صناعة ناقلات الغاز الطبيعي المسال خلال السنوات الأربع الماضية وذلك بسبب نمو الطلب العالمي للغاز المسال وسياسات الدول في التحول نحو وقود أكثر نظافة.
ترتكز صناعة ناقلات الغاز الطبيعي المسال على 5 عوامل رئيسية، أولها الطلب على الغاز الطبيعي المسال واحتياجات السوق، وثانياً، هو تكلفة بناء الناقلات نفسه حيث تتأثر الصناعة بالتكلفة وتطور التقنيات المستخدمة في بنائها، فيما تمثل التشريعات البيئية العامل الثالث لأن الصناعة تعتمد على التشريعات البيئية والأمنية والمعايير الصارمة للحفاظ على البيئة.
وتمثل الاستثمارات الرأسمالية والتكنولوجيا والابتكار العوامل الأخرى التي ترتكز عليها الصناعة بشكل رئيسي لأن صناعة الناقلات تحتاج لاستثمارات كبيرة كما تؤثر التكنولوجيا والابتكار في مجال تصميم وتشغيل الناقلات، مما يساعد على تحسين الأداء والكفاءة وتخفيض التكاليف.
وأشار تقرير منتدى الدول المصدرة للغاز الشهري لاستمرار إنتاج الغاز الطبيعي المسال لدولة قطر في شهر يناير الماضي تفوق الطاقة الإنتاجية لمنشآت التسييل، الامر الذي يفسر ارتفاع صادرات الغاز الطبيعي المسال لقطر خلال الفترة الماضية.
وفي يناير الماضي وحسب التقرير تراجعت عدد شحنات الغاز المسال بنحو 1% على أساس شهري لتبلغ حوالي 536 ناقلة غاز طبيعي المسال.
وتبين الارقام اتجاهاً تصاعدياً في ناقلات الغاز الطبيعي المسال منذ 2019. وفي يناير الماضي بلغ عدد ناقلات الغاز مستويات أعلى مقارنة بنفس الفترة خلال السنوات الأربع الماضية. وتقود دولة قطر واستراليا والولايات المتحدة الصعود الفعلي لعدد شحنات الغاز الطبيعي المسال.
ويمكن الحديث عن ناقلات الغاز المسال دون ذكر دولة قطر باعتبارها في صدارة هذه الصناعة وبأسطول ضخم من الناقلات تليها كل من الولايات المتحدة واستراليا.
وساهمت هذه الناقلات التي استفادت من تكنولوجيا تحويل الغاز من حالته الغازية إلى سوائل وتبريده ومن ثم تقوم السفن بنقله كسلعة عالمية يمكن نقلها إلى أي منطقة في العالم، وهو ما ساهم في توسع سوق النقل بسرعة كبيرة حيث وصل الآن إلى أكثر من 44 سوقاً للغاز حول العالم. حالياً يوجد بالسوق حوالي 641 ناقلة غاز مسال تقوم بحوالي 6708 رحلات بحرية.
استئجار الناقلات
ويعد متوسط أسعار استئجار الناقلات عاملاً جوهرياً في هذه الصناعة كون أن عمليتي النقل والتسييل يمثلان النسبة الأكبر من دورة الاستثمار في هذه الصناعة.
وعادة ما ترتبط تجارة الغاز المسال بالعقود طويلة الاجل لطبيعة الاستثمار نفسه، ومع ذلك يتأثر السوق الفوري بعوامل الطاقة والعوامل الجيو سياسية الأخرى.
وعلى سبيل المثال أظهر التقرير أن متوسط استئجار ناقلات الغاز التي تعمل بالتوربينات البخارية انخفض في شهر يناير الماضي بحوالي 48% ليسجل متوسط 53.7 ألف دولار في اليوم، ورغم ذلك فإن هذه الأسعار هي أعلى بنسبة 100% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.
وشهدت أسعار الإيجار الفوري اتجاهاً تصاعدياً حاداً خلال الثلث الأخير من 2022. وخلال هذه الفترة كان السوق ضيقاً بسبب المشترين الأوروبيين الذين يستخدمون هذه الناقلات كمخازن عائمة ولضمان أمن الطاقة وكذلك لإعادة بيعها بسعر أعلى في فصل الشتاء.
ومع ذلك تم تعويض تأثير الانخفاض في أسعار استئجار ناقلات الغاز المسال وأسعار الغاز الطبيعي من خلال زيادة طفيفة في أسعار وقود الشحن، مما أدى لانخفاض تكلفة شحن الغاز بحوالي 1.23 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وذلك عند مقارنتها بأسعار نفس الشهر من العام السابق، وكانت معدلات الاستئجار في يناير 2023 أعلى لكن أسعار الغاز الطبيعي المسال التي تم تسليمها كانت أقل في2022، مما أدى لزيادة تكاليف شحن الغاز المسال التي كان عند نفس المستوى نسبياً.
أحواض البناء الصينية
أشار التقرير إلى أن احواض بناء السفن الصينية (هودونغ) شرعت في بناء ناقلة الغاز المسال الثانية لدولة قطر من أصل 4 ناقلات جديدة طلبتها قطر من الصين من قبل وفقا لاتفاقية بين قطر للطاقة ومجموعة (هودونغ-جونغوا) لبناء السفن المحدودة (هودونغ) المملوكة بالكامل لمؤسسة الصين الحكومية لبناء السفن.
بالمقابل حصلت شركات أحواض بناء السفن الكورية على 3 طلبات جديدة لبناء ناقلات الغاز الطبيعي المسال، من بينها طلبية لأكبر شركات بناء أحواض السفن الكورية، ومن المتوقع أن يتم بناء السفن عبر شركة هيونداي للصناعات الثقيلة اعتباراً من 2026 بسعة اجمالية تقدر بحوالي 200 ألف متر مكعب.
وشكل الطلب الكبير تحدياً أمام شركات بناء السفن الكورية، حيث بدأت بعض الشركات تواجه نقصاً في العمالة الماهرة الأمر الذي جعل بعضها يخسر جزءا من حصته في السوق لصالح شركات بناء السفن الصينية.
أسعار الغاز
في يناير الماضي تراجعت أسعار الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال في كل من أوروبا واسيا بشكل حاد وشهد تقلبات أقل نسبياً مقارنة بالأشهر السابقة. وبشكل عام ساهمت درجات الحرارة المنخفضة في الحركة الهبوطية للأسعار في السوق الفورية في كلتا المنطقتين بسبب مستويات التخزين الجيدة.
خلال العام الحالي 2023 تستهدف المفوضية الأوروبية ملء مواقع تخزين الغاز الطبيعي تحت الأرض بمستويات تخزين تصل إلى 90%، فدولة مثل المانيا مثلا تستهدف رفع مستويات التخزين من 45% لمستويات 90% وكذلك تستهدف فرنسا وايطاليا وهولندا وبقية الدول.
قفزة في الاستثمارات
الاستثمار في صناعة الغاز الطبيعي المسال شهدت قفزة كبيرة خلال العقود الماضية فاذا نظرنا لحجم الاستثمارات على سبيل المثال في الفترة من 1991 الى 2000 قفزت بحوالي 8 مرات مقارنة بالفترة من 2011 الي 2020 وذلك من نحو 45 مليار دولار. الى 355 مليار دولار.
وتعتبر صناعة ناقلات الغاز المسال عنصرا أساسيا في توسيع سوق الغاز المسال عالمياً ليصبح سلعة رئيسية لاقتصادات الدول، حيث تقوم هذه الناقلات بنقل الغاز المسال من منشآت التسييل إلى الأسواق العالمية.
وتضم هذه الصناعة العديد من القطاعات فبالإضافة لتصميم وبناء وتشغيل السفن، نجد الصيانة وإدارة المرافق الساحلية. والمراكب والمعدات المستخدمة في عملية النقل، والتخزين، والتحميل والتفريغ. كما تشمل هذه الصناعة الخدمات المرتبطة بتقديم الدعم اللوجستي والإداري والتقني لهذه العمليات.
وتتراوح تكلفة بناء ناقلات الغاز المسال من 180 مليون دولار إلى أكثر من 250 مليون دولار، وذلك بناء على حجمها وسعتها والتكنولوجيا المستخدمة. ومع ذلك يمكن الحصول على سفينة مستعملة بأسعار تتراوح ما بين 50 إلى 100 مليون دولار، بناء على عمرها وحالتها وهل تحتاج إلى تجديد أم لا.
أما وحدات تخزين الغاز وإعادة التحويل FSRU يمكن ان تتراوح تكلفة بناء السفينة الجديدة من 500 مليون دولار إلى أكثر من مليار دولار، بينما تصل تكلفة بناء ناقلات الغاز المسال ذات الاحجام الصغيرة ما بين 40 إلى 80 مليون دولار على حسب حجم السفينة.
الناقلات القطرية
قبل منتصف العقد الاول من القرن الحادي والعشرين هيمنت ناقلات التوربينات البخارية على أقل من 150 ألف متر مكعب، حيث كان ذلك النطاق الأنسب لمحركات التوربينات البخارية.
لكن تغيير مشهد نقل الغاز الطبيعي المسال بشكل كبير بدخول ناقلات الغاز القطرية من طراز (كيو-فليكس) بسعة 210 – 217 ألف متر مكعب والناقلات من طراز (كيو-ماكس) بسعات تتراوح بين 263 ألفا إلى 266 ألف متر مكعب التي تستهدف على وجهة التحديد شحنات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال للأسواق الأوروبية والآسيوية.
وحققت هذه السفن وفورات كبيرة في الحجم من خلال أنظمة الدفع الخاصة بها، التي تمثل أكبر 45 ناقلة غاز طبيعي مسال تم بناؤها على الإطلاق. وبعد موجة الناقلات القطرية من فئة (كيو) استقرت السفن الجديدة عن مستويات 150 ألف متر مكعب و180 ألف متر مكعب بما يشكل حوالي 57% من الأسطول الحالي.