بيان حول موقف دائرة تعزيز الصحة والصحة المجتمعية في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت
نوفمبر 7, 2022
353 زيارة
تفشّي الكوليرا: دليل فشل بُنيوي
Cholera Spread: a symptom of structural failures
لم يشهد لبنان أي حالة من الكوليرا منذ العام 1993. وقد تغيّر ذلك في السادس من تشرين الأول 2022، عندما أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل حالتين مؤكّدتين مخبرياً من الكوليرا في منطقة الشمال. ومنذ هذا التاريخ، ازدادت أعداد حالات الإصابة والوفيات الناتجة عنها بشكل يدعو للقلق. كذلك بدأت بلدان أخرى في المنطقة العربية تشهد تفشياً للكوليرا. والكوليرا هي عدوى بكتيرية حادة ناتجة عن تناول طعام أو مياه ملوّثة ببكتيريا الكوليرا وتتسبب بإسهالٍ حاد. إن عدوى الكوليرا مرتبطة بشكل كبير بتردّي مرافق الصرف الصحي.
إن استجابة لبنان لتفشي الكوليرا بعيدة كل البعد عن معالجة الأسباب الجذرية للوباء. فقد أطلقت الحكومة نداءً طارئاً لطلب الدعم من المجتمع الدولي لتأمين اللقاحات والأدوية ومعدّات فحص المياه. وبدأ المواطنون اللبنانيون وكذلك اللاجئون والنازحون بتلقي معلومات، من خلال وسائل الإعلام المتنوعة، حول كيفية غسل الأيدي وكميات الكلور الواجب استخدامها لتطهير خزانات المياه من البكتيريا. مع ذلك، سيبقى أثر هذه التدخلات السلوكية محدودا – هذا إذا لم يكن معدوماً – في الحد من انتشار الوباء، في ظل غياب أية معالجة للأسباب الأساسية الكامنة وراء تفشي الكوليرا، والمتمثّلة بنظام المياه والصرف الصحي القديم والمعطّل وخصخصة المياه.
إن هذا التركيز على الحلول التي تنحصر بالمستوى الفردي، يضع الناس والمجتمعات ذات الموارد المحدودة في موقع المسؤولية لجهة إدارة تفشّي الوباء والحدّ منه بدلاً من الدولة ومؤسساتها والمنظمات الدولية والجمعيات العاملة في قطاع المياه والصرف الصحي. ومنذ سنوات، يحذّر الباحثون من تردّي نوعية المياه في لبنان، خاصة في مراكز اللجوء والنزوح والبؤر التي تعاني من فقر شديد في عدة مناطق. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية والسياسية وتلاشي التمويل للبرامج الإنسانية تراجعت القدرة على الوصول إلى خدمات المياه النظيفة والصرف الصحي لأعداد كبيرة من السكان، فلم يعد مفاجئاً أن تستفحل المشكلة أكثر وتساهم في خلق أرضاً خصبةً لتفشي الكوليرا.
إن تفشي الكوليرا دليل على أوجه القصور البنيوي. تاريخياً، تعتبر الكوليرا نتيجة لفشل النظم والخدمات. إن هذا النوع من الفشل هو انتهاك لحق الإنسان في المياه الآمنة والظروف الصحية. في 26 تشرين الأول، قام عدد من السكان في إحدى ضواحي بيروت الجنوبية بالتظاهر اعتراضاً على الشح الكبير في المياه. إن مثل هذه التحرّكات يلقي الضوء على ضرورة تلبية المطالب الملحّة في الوصول إلى مصادر غير ملوثة للمياه في ظل انتشار وباء الكوليرا. لقد حان الوقت أن يعي من هم في مواقع اتخاذ القرار أهمية هذا الأمر.
الابتكار واختراع وسائل عصرية للحد من انتشار الكوليرا ليس ضرورياً. على العكس تماماً، المهم هو التعلّم من التاريخ حيث كان للحراك المتعلّق بمرافق الصرف الصحي تأثير كبير في تحسين الصحة العامة. لهذا يجب العودة إلى الأساسيات. إن حرمان أي مواطن أو لاجئ من المياه النظيفة والبيئة الصحية هو أمر مرفوض. إن الترويج لتغيير السلوك الفردي حول النظافة الشخصية، كإجراء وحيد تعتمده الدولة حتى الآن في مقاربتها بينما ننتظر وصول كمية كافية من اللقاحات، لن يكون فعالاً وسيبقى أثره محدوداً في منع انتقال عدوى الوباء. كذلك، لن تكون هناك إمكانية جدية في الحد من انتشار الوباء، ما لم تعمل الحكومة وصانعي القرار جدياً باتجاه معالجة وإدارة المياه المبتذلة، وتطوير محطات المياه العامة في لبنان.
انطلاقا مما تقدّم، نطالب الحكومة والبلديات ومنظمات الأمم المتحدة بتخصيص طارئ للموارد من أجل صيانة وتصليح وتشغيل محطات تكرير المياه في مختلف المناطق اللبنانية.
Cholera Spread: a symptom of structural failures
A position statement by the Department of Health Promotion and Community Health
at the American University of Beirut, Faculty of Health Sciences
Lebanon has been cholera-free since 1993. That changed on October 6, 2022, when the Ministry of Public Health reported two laboratory-confirmed cholera cases in the country’s northern region. Since then, the numbers of cases and deaths have increased at an alarming rate. Cholera outbreaks are also reported from other countries in the region. Cholera is an acute diarrheal infection caused by ingestion of food or water contaminated with the cholera bacterium. It is strongly connected to inadequate sanitation.
Lebanon’s response to the cholera outbreak has been far from addressing the root causes of the epidemic. The government launched an emergency appeal requesting support from the international community to procure vaccines, medicines, and water test kits. Citizens and refugees in the country began to receive information through various media outlets on how to wash their hands and how much chlorine to add to their water tanks. Yet, without addressing the underlying causes of the spread of cholera – old and dilapidated water and sanitation systems, and water privatization – behavioral interventions will have limited if any impact in stopping the epidemic. By focusing on individual-level solutions, people and communities with limited resources are called to bear the responsibility of managing and controlling the outbreak instead of the state institutions, international organizations and those concerned with water and sanitation. For years, researchers have been raising the alarm about the poor water quality in Lebanon, especially in refugee settlements and impoverished areas of the country. In the context of an economic crisis, political deadlock, and dwindling humanitarian funding, it is not surprising that access to clean water and sanitary services has deteriorated for a considerable proportion of the population, creating a fertile ground for the spread of cholera.
Cholera epidemics are signs of structural deficiencies; historically, cholera is an outcome of failed systems and services. This type of failure is a violation of the human right to safe water and sanitary conditions, which is felt by the general public. On October 26, residents in a southern urban center in Lebanon protested severe water shortages, highlighting the urgency of addressing their demands to access uncontaminated public water supplies in light of the rapid spread of cholera. It is time for those who hold decision-making power to come to this realization as well.
To mitigate cholera, we do not need innovation. Instead, we need to learn from history – that the sanitation movement was critical to improving public health – and to go back to basics. No human being, whether citizen or refugee, should be deprived of the right to clean water and a healthy environment. Promoting individual hygiene behavior change – the only public health action undertaken by the State at this point while waiting for adequate number of vaccines to arrive – will only narrowly contribute to limiting the spread of transmission. Unless the government and high-level decision-makers actively work towards urgent waste water management, upgrading the public water supplies in Lebanon, the cholera outbreak will not be contained. Based on the above, we call on the government, municipalities, and UN agencies to direct urgent resources to maintain, repair, and operate the water treatment plants.