almontasher : وقع أمين عام اتحاد المصارف العربية وسام فتوح أن يظل استقرار الليرة السورية مهدداً على المدى المتوسط؛ بسبب العديد من العوامل الاقتصادية والسياسية المعقدة.
وفي حديث خاص لـ«إرم بزنس»، قال فتوح إن الاقتصاد السوري يواجه تحديات كبيرة مثل التضخم، ونقص الاحتياطيات النقدية، وضعف الثقة بالنظام المالي، مما ينعكس سلباً على استقرار العملة.
محددات الاستقرار
لكن أمين عام اتحاد المصارف العربية عاد وحدد 3 عوامل لاستقرار الليرة، قائلاً: «إذا تمكن البنك المركزي السوري من تنفيذ سياسات نقدية فعّالة مثل ضبط التضخم والسيطرة على أسعار الصرف، فقد يشهد المدى المتوسط بعض الاستقرار النسبي».
واستطرد أن تحسن العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية والمجتمع الدولي قد يسهم في دعم الاقتصاد السوري من خلال قروض ميسرة واستثمارات، أو رفع بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة، ما يعزز الاستقرار المالي.
وعلى المدى البعيد، فإن استقرار الليرة السورية يتوقف بشكل كبير على قدرة سوريا على تحقيق تعافٍ اقتصادي شامل ومستدام، يتضمن استعادة الاستقرار السياسي الداخلي. وإذا تم تحقيق السلام الداخلي وجذب الاستثمارات الدولية لإعادة بناء البنية التحتية، فسيشهد الاقتصاد تحسناً تدريجياً، مما يسهم في استقرار العملة الوطنية، وفق فتوح.
وارتفع سعر صرف الليرة أمام الدولار في السوق الموازية في دمشق وحلب، اليوم الثلاثاء، إلى 11 ألفاً و400 ليرة للشراء من 11 ألفاً و500 ليرة أمام الدولار مسجلة في تعاملات مساء أمس. وفي المصرف المركزي، استقر سعر صرف الليرة اليوم عند 13 ألفاً للشراء مقابل الدولار، في حين سجّل 13 ألفاً و130 ليرة للبيع مقابل الدولار.
بيد أن فتوح حذر من أن استمرار العقوبات الاقتصادية الدولية سيكون له تأثير كبير في تقليص قدرة الحكومة السورية الجديدة على التعامل مع الأزمات الاقتصادية، وبالتالي يؤثر في قيمة الليرة.
وعند هذه النقطة، زاد قائلا: «بعد التغيير السياسي الكبير الذي شهدته سوريا، أصبح من الضروري البدء بإجراء إصلاحات اقتصادية ومالية ومصرفية».
وأمس الاثنين، اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على خريطة طريق لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، بعد أسابيع من اتخاذ الولايات المتحدة خطوة مماثلة تهدف للسماح بوصول المساعدات الإنسانية للبلد الآسيوي، لكن الطريق ما زال طويلاً أمام إزالة جميع العقوبات المفروضة على دمشق.
روشتة متكاملة
ولتحقيق إصلاحات مالية ومصرفية تعزز الثقة بالقطاع المصرفي السوري، يجب التركيز أولاً على إجراء كلّ ما يلزم لرفع العقوبات المفروضة على بعض المصارف ومصرف سوريا المركزي، ومن ثم تحسين الحوكمة المؤسسية وتعزيز الشفافية والمساءلة داخل المصارف من خلال معايير إفصاح دقيقة وآليات رقابة فعالة تشمل مجالس إدارة مستقلة ولجان تدقيق قوية، على حد قول أمين عام اتحاد المصارف العربية.
الأكثر من ذلك، أكد فتوح ضرورة معالجة الديون المتعثرة الناجمة عن فترة الحرب والعقوبات، عبر استراتيجيات فعالة مثل إنشاء شركات إدارة الأصول المتعثرة، إلى جانب زيادة رؤوس أموال المصارف لتعزيز قدرتها على تحمل المخاطر، مع إمكانية خصخصة المصارف العامة تدريجياً لتحسين الكفاءة.
وفيما يخص الجانب النقدي، بيّن فتوح أن استقرار سعر الصرف يعد أولوية ملحّة لضمان ثقة العملاء والمستثمرين، ويتطلب ذلك سياسات نقدية فعالة وأدوات مرنة يديرها البنك المركزي السوري باستقلالية تامة.
دور المجتمع الدولي
وحول أهم الخطوات التي يمكن أن تتخذها الدول العربية والمجتمع الدولي لدعم التعافي الاقتصادي في سوريا، أوضح أمين عام المصارف العربية أنه “يمكن للدول العربية والمجتمع الدولي اتخاذ مجموعة من الخطوات الداعمة للتعافي الاقتصادي في سوريا، بدءاً من الدعم المالي إلى تعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي“.
وشدد على ضرورة دعم الدول العربية والمجتمع الدولي عملية إعادة بناء البنية التحتية في سوريا، بما في ذلك إعادة تأهيل الشبكات الحيوية مثل المياه والكهرباء والنقل، وهو أمر بالغ الأهمية لتعزيز القدرة الإنتاجية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين السوريين.
بالإضافة إلى ذلك، تحدث فتوح عن أهمية دعم استقرار القطاع المالي والمصرفي عبر تقديم المساعدات لبناء نظام مصرفي قوي وآمن، بما في ذلك إصلاح القطاع المصرفي السوري وتحسين آليات الرقابة المالية.
وقبل أسابيع، كشف رئيس حكومة تصريف الأعمال في سوريا، محمد البشير، في تصريحات صحفية، أن خزائن المصرف لا تحتوي إلا على أوراق نقدية بالليرة السورية، مع الافتقار إلى السيولة بالعملات الأجنبية، مشيراً إلى أن الحكومة لا تزال تجمع بيانات حول القروض والسندات.
في حين أكدت ميساء صابرين حاكمة مصرف سوريا المركزي، أخيرا، أنها تريد تعزيز استقلالية المؤسسة، فيما يتعلق بقرارات السياسة النقدية.
وقالت لوكالة رويترز، خلال أول مقابلة تجريها مع الإعلام منذ توليها منصبها، إن البنك المركزي يعمل على إعداد مشروعات تعديل قانون المصرف بما يعزز استقلاليته، ويشمل ذلك السماح له بالمزيد من الحرية في اتخاذ القرارات بشأن السياسة النقدية.
تحديات كبيرة
إلى ذلك، تواجه المصارف السورية تحديات كبيرة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في ظل العقوبات الدولية، الأمر الذي يتطلب تعزيز برامج مكافحة غسل الأموال من خلال تحسين آليات الامتثال الداخلي، مثل استخدام أنظمة رقابة متقدمة لمراقبة المعاملات المشبوهة وتدريب الموظفين على التعرف على الأنماط المريبة، وتعزيز التعاون مع السلطات المحلية والدولية لمكافحة هذه الأنشطة.
هنا، اقترح أمين عام اتحاد المصارف العربية استحداث المصارف السورية آليات للتقارير المستمرة حول الأنشطة المالية المشتبه بها، وتطوير شراكات مع المصارف الأجنبية التي تتبنى إجراءات مشابهة، بالإضافة إلى التزام المصارف السورية بالمعايير الدولية مثل تلك التي وضعتها مجموعة العمل المالي لتبني آليات الامتثال العالمية، مما يساعد على تحسين سمعتها وضمان استدامة عملها في بيئة مالية معقدة.