حذر العديد من الخبراء من أن العواقب المحتملة لارتفاع الديون الأميركية، البالغة 34 تريليون دولار أميركي، قد تؤثر على جميع الأميركيين. وفي الوقت نفسه، أصبح الأميركيون أنفسهم أكثر قلقًا بشأن الميزانية العمومية للبلاد. ويعادل الدين حوالي 100 ألف دولار للشخص الواحد في الولايات المتحدة. وقد يبدو هذا مبلغاً كبيراً، لكن المبلغ حتى الآن لا يبدو أنه يهدد النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.وبدلا من ذلك، فإن الخطر طويل الأجل إذا استمر الدين في الارتفاع إلى مستويات مجهولة.
وعلى الرغم من أن واشنطن منقسمة بشدة حول كيفية معالجة العجز في البلاد، فقد كان هناك بعض الزخم بين الجمهوريين في مجلس النواب لتشكيل لجنة خاصة لاستكشاف سبل تحسين المسار المالي للبلاد، وفقا لموقع “ذا هيل” الأميركي.
وقد أثارت هذه الجهود المخاوف بشأن التخفيضات في البرامج الرئيسية التي يعتمد عليها كبار السن، مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية.
لكن مسار الدين في العقود المقبلة قد يعرض الأمن القومي والبرامج الرئيسية للخطر، بما في ذلك الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، والتي أصبحت المحرك الأبرز للإنفاق الحكومي المتوقع مدى العقود القليلة المقبلة. يمكن أن يشكل الخلل الحكومي، مثل المواجهة الأخرى بشأن حدود الديون، خطراً مالياً أيضاً إذا شعر المستثمرون بالقلق بشأن استعداد المشرعين لسداد ديون الولايات المتحدة.
* التأثير على الفائدة
ومع توقع ارتفاع الدين الأميركي إلى أكثر من 54 تريليون دولار في السنوات العشر المقبلة، أطلق الخبراء ناقوس الخطر بشأن ارتفاع أسعار الفائدة.
وقال ديزموند لاكمان، باحث في معهد المشروع الأميركي لأبحاث السياسة العامة، وهو مركز بحثي في واشنطن: “إذا كانت الحكومة تقترض المال، فأنت بحاجة إلى جمع الكثير من المال، وهذا يعني أنني يجب أن أبيع الكثير من السندات، وهذا يدفع أسعار الفائدة إلى الارتفاع”.
وأضاف: “إذا كانت أسعار الفائدة أعلى بشكل عام، فإن معدلات الرهن العقاري الخاص بك تكون أعلى”، مشيرا إلى أن “هذا مهم بالنسبة للشباب، لأنهم ليسوا في سوق الإسكان. إنهم لا يجلسون على منزل حصل على رهن عقاري مدفوع، بل هم الذين سيتعين عليهم الخروج واقتراض الأموال الآن بسعر فائدة مرتفع للغاية”.
وفي تقرير صدر في فبراير الماضي، توقع مكتب الميزانية التابع للكونغرس الأميركي أن يرتفع الدين العام بشكل كبير خلال العقد المقبل، ليرتفع من 99% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 إلى 116% في عام 2034.
كما قدر مكتب الميزانية أن صافي تكاليف الفائدة في عام 2025 سيكون “أكبر بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي من أي وقت مضى منذ عام 1940 على الأقل، وهو العام الأول الذي يصدر عنه مكتب الإدارة والميزانية مثل هذه البيانات”.
* سوق العمل
ووفقا لـ”ذا هيل”، يرى الخبراء أن ارتفاع الدين الوطني قد يكون له تأثير على سوق العمل.
إذ قال ديفيد ويلكوكس، باحث في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي: “كلما ارتفع الدين، ارتفعت أسعار الفائدة. وأسعار الفائدة المرتفعة تميل إلى تثبيط الاستثمار في رأس المال الجديد من قبل الشركات، ورأس المال يجعل العمال أكثر إنتاجية”.
وأضاف: “يميل المستوى الأعلى من الديون إلى الارتباط باقتصاد أقل إنتاجية بشكل متواضع، وبالتالي، يمكن للاقتصاد الأقل إنتاجية أن يدعم كمية أصغر من الديون الفيدرالية”.
ويقول بعض الخبراء إن ارتفاع الدين الوطني يمكن أن يكون له أيضًا تأثير على سوق العمل إذا ارتفعت أسعار الفائدة أيضًا، مع الإشارة إلى التوظيف في مجالات مثل بناء المنازل والتشييد التي قد تكون في بعض الأحيان أكثر حساسية لأسعار الفائدة.
وفي هذا السياق، أفاد جوشوا جوتباوم، الباحث الضيف في الدراسات الاقتصادية في معهد بروكينغز، بأنه “عندما ترتفع أسعار الفائدة، فإن الرهن العقاري للناس يصبح أكثر تكلفة، ونتيجة لذلك، يتم بناء عدد أقل من المنازل بشكل عام”.
وقال جوتباوم إن التوظيف يمكن أن يتأثر أيضًا بما تقرر الحكومة الفيدرالية خفضه من الإنفاق.
واستطرد: “لنفترض أن الحكومة الفيدرالية، من أجل تغطية ديونها، تقدم إعانات أقل للمزارعين، مما يعني أن بعض المزارعين سيزرعون أقل، وسيتم إغلاق بعض المزارع”.
* تخفيضات على البرامج الرئيسية
وناقش الخبراء أيضًا إمكانية إجراء مزيد من التخفيضات في الإنفاق الحكومي في السنوات المقبلة بينما يحاول الكونغرس معالجة العجز في البلاد.
وقال ويلكوكس: “أعتقد أن ما يمكن أن يتوقعه الأميركيون هو أنه خلال العقد أو العقدين المقبلين من المرجح أن يضطر السياسيون إلى اتخاذ بعض الخيارات المؤلمة”، بما في ذلك “التعديلات” المحتملة على جانب الإنفاق (في البرامج الأساسية مثل الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي).
ومن بين بعض المقترحات التي أثارها المشرعون لمعالجة الدين الوطني، الاستمرار في الحد من الإنفاق، بما في ذلك المطالبات بمزيد من تقييد الإنفاق السنوي بما يتجاوز اتفاق حدود الميزانية الذي تم تمريره العام الماضي.
وتوقع المحللون في ذلك الوقت أن الإجراء، الذي أطلق عليه اسم قانون المسؤولية المالية، من المتوقع أن يخفض أكثر من تريليون دولار من العجز المستقبلي للبلاد على مدى العقد المقبل.
* الضرائب
وفي الوقت الذي يعمل فيه الكونغرس على معالجة أزمة الديون، يتوقع الخبراء أيضا أن الأميركيين قد يشهدون تغييرات على الجانب الضريبي.
وقال جوتباوم: “إذا لم تتخذ الحكومة الفيدرالية إجراءاتها وتبدأ في تحصيل ما يكفي من الضرائب لتغطية ما تريد إنفاقه على البرامج، فسوف يرتفع الدين”.
وأضاف: “إذا ارتفع الدين وارتفع سعر الفائدة، فإن دافعي الضرائب في ذلك الوقت سوف يدفعون الفاتورة”، مضيفًا: “لقد تجنب والديك تلك الفواتير، لأن الكونغرس اقترض بدلاً من زيادة الضرائب لتغطية العجز”.