almontasher = تتجه الصين إلى تحول تاريخي في السياسة النقدية التي تتبعها، حيث يتجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى سياسة أكثر تطبيعاً مع توجهات البنوك المركزية الكبرى، في محاولة جديدة من بكين لدعم وتحفيز اقتصادها الذي يعاني تحت وطأة العديد من الضغوط.
وفق تصريحات نشرتها صحيفة «فايننشال تايمز» اليوم الجمعة، يخطط بنك الشعب الصيني لخفض أسعار الفائدة العام الجاري في إطار تحول تاريخي نحو سياسة نقدية أكثر تقليدية لجعلها أكثر تماشياً مع مجلس الاحتياطي «الفيدرالي» (البنك المركزي الأميركي) والبنك المركزي الأوروبي.
في غضون ذلك انخفضت عوائد سندات الخزانة الصينية لأجل 10 أعوام و30 عاماً إلى مستويات قياسية منخفضة اليوم الجمعة وسط توقعات بتيسير نقدي جديد، بينما تداول اليوان الصيني قرب أدنى مستوى منذ 14 شهراً عند 7.3 يوان للدولار.
سعر واحد
يتجه البنك المركزي الصيني لإصلاح سياسته مع تصاعد الضغوط على الاقتصاد، واستخدام سعر فائدة رئيس واحد لتوجيه الطلب على الائتمان.
قال محافظ البنك المركزي الصيني، بان قونغ شنغ إن من المرجح أن يخفض أسعار الفائدة من مستواها الحالي البالغ 1.5% في الوقت المناسب خلال عام 2025.
وفقاً للتقرير من المرجح أن تعطي بكين الأولوية لتعديلات أسعار الفائدة، وتبتعد عن الأهداف الكمية لنمو القروض في ما قد يرقى إلى مستوى تحول للسياسة النقدية الصينية.
ثلاثة أسعار
لا تملك معظم البنوك المركزية، مثل بنك الاحتياطي «الفيدرالي»، سوى متغير سياسي واحد، وهو سعر الفائدة القياسي، والذي تستخدمه للتأثير في الطلب على الائتمان والنشاط في الاقتصاد.
على النقيض من ذلك، لا يكتفي بنك الشعب الصيني بتحديد مجموعة كبيرة من أسعار الفائدة المختلفة (ثلاثة أسعار)، بل يقدم أيضاً توجيهات غير رسمية للبنوك بشأن مقدار توسيع إدارة القروض.
في حين أن مثل هذا التوجيه كان أداة البنك المركزي الأكثر أهمية في إدارة الاقتصاد لعقود من الزمن حيث تم توجيه القروض إلى قطاعات النمو المرتفع مثل التصنيع والتكنولوجيا والعقارات.
محور حقيقي
قال كبير المحللين الماليين الصينيين لدى مورغان ستانلي في هونغ كونغ، ريتشارد شو: «من المرجح أن يكون إصلاح أسعار الفائدة هو المحور الحقيقي لبنك الشعب الصيني في عام 2025».
في العام الماضي أوضح بنك الشعب الصيني أن أداة سياسته الرئيسة ستكون سعر إعادة الشراء العكسي لمدة سبعة أيام بدلاً من مجموعة أسعار الفائدة التي اعتمد عليها حتى الآن.
وخلال العام 2024، وكجزء من حزمة التحفيز الأكثر قوة منذ جائحة «كوفيد-19»، خفض البنك المركزي سعر الفائدة لمدة سبعة أيام مرتين وسعر الفائدة لمدة خمس سنوات الذي يؤثر في أسعار الرهن العقاري ثلاث مرات.
تأتي هذه الخطوات في سياق تعهد الرئيس شي جين بينغ بتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 5% على الرغم من المشاكل التي يواجهها قطاع العقارات الصيني والتوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
محاولة تقريب
في خطاب اعترف فيه بالضغوط التي تواجهها الصين، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ أن النمو هو الأولوية، وأن بلاده ستتخذ خطوات استباقية لدعم وتحفيز الاقتصاد، وذلك في خطاب يوم الثلاثاء الماضي.
للمرة الأولى منذ عقدين، اشترى البنك المركزي سندات حكومية في السوق المفتوحة لضخ الأموال في النظام المالي خلال العام 2024، بالطريقة نفسها التي يدير بها بنك الاحتياطي «الفيدرالي» سياسته، وفقاً لبيان سابق للبنك العام الماضي.
ولا يزال بنك الشعب الصين (البنك المركزي الصيني) يفتقر إلى بعض المكونات الأساسية لنظام يعتمد على أسعار الفائدة الموحدة، وجدول الاجتماعات الروتينية التي يتم الكشف عنها علناً لاتخاذ القرارات السياسية.
أخبار ذات صلة
الصين تخفض الرسوم الجمركية على الإيثان والمعادن المعاد تدويرها
رسوم ترامب
تأتي إعلانات السياسة في الوقت الذي تستعد فيه الصين لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والذي أعلن نيته فرض رسوم على الصين.
أظهر الاقتصاد الصيني اعتماداً مفرطاً على التصنيع والصادرات العام الماضي، حيث جاء الطلب المنزلي مخيباً للآمال، وأدت أزمة سوق العقارات الشديدة إلى تآكل ثروة المستهلكين.
أوصى مستشارو الحكومة بأن تبقي بكين على هدفها للنمو دون تغيير العام الجاري، ولكنهم طالبوا أيضاً بتحفيز مالي أكثر قوة لدعم الطلب المحلي المتباطئ، بحسب آخر اجتماع للحزب الحاكم في العام الماضي.
تحفيز جديد
قال نائب الأمين العام للجنة الوطنية للتنمية والإصلاح يوان دا في مؤتمر صحفي اليوم الجمعة وفق بيان: «إن الصين ستزيد بشكل حاد التمويل من سندات الخزانة طويلة الأجل في عام 2025 لـ(تحفيز الاستثمار التجاري ومبادرات تعزيز المستهلك)، مع تكثيف بكين للتحفيز المالي لإنعاش الاقتصاد المتعثر».
أضاف يوان «حجم صناديق السندات الحكومية الخاصة طويلة الأجل سيزداد بشكل حاد هذا العام لتكثيف وتوسيع نطاق تنفيذ المبادرتين الجديدتين».
تشمل المبادرتان الجديدتان برنامج دعم للسلع المعمرة، حيث يمكن للمستهلكين استبدال السيارات أو الأجهزة القديمة وشراء أخرى جديدة بخصم، وبرنامج منفصل يدعم تحديثات المعدات واسعة النطاق للشركات.
يوان قال أيضاً «إن الأسر ستكون مؤهلة للحصول على إعانات لشراء ثلاثة أنواع من المنتجات الرقمية العام الجاري، بما في ذلك الهواتف المحمولة، أجهزة الكمبيوتر اللوحية، والساعات الذكية والأساور».
100 مليار دولار
قال تشاو تشن شين نائب رئيس جهاز التخطيط الحكومي في المؤتمر الصحفي: «إن الصين ستزيد أيضاً التمويل من سندات الخزانة الخاصة وأن الحكومة وافقت على مشاريع لعام 2025 بقيمة 100 مليار في إطار المبادرات الكبرى مقدماً».
تشمل البرامج الرئيسة مشاريع مثل بناء السكك الحديدية والمطارات والأراضي الزراعية وبناء القدرات الأمنية في المناطق الرئيسة، بحسب وثائق رسمية.
في الوقت ذاته خفف المكتب السياسي الحاكم في الصين الشهر الماضي من موقف السياسة النقدية للبلاد للمرة الأولى منذ نحو 14 عاماً مع الإعلان عن سياسة أكثر مرونة وأقل حذراً، وهو الموقف الذي تبناه في العام 2010.
خلال اجتماع رفيع المستوى لتحديد الأجندة الاقتصادية في ديسمبر، تعهد كبار القادة الصينيين بخفض أسعار الفائدة في الوقت المناسب وتقليص حجم رأس المال الذي يتعين على البنوك الاحتفاظ به كاحتياطي، كجزء من جهد أوسع نطاقاً لتحفيز الإقراض والاستثمار في الاقتصاد المريض.
أزمة عميقة
عانى ثاني أكبر اقتصاد في العالم على مدى السنوات القليلة الماضية؛ بسبب أزمة عقارية حادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب الاستهلاكي.
في الوقت ذاته قد تواجه الصادرات، وهي إحدى النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد الصيني، المزيد من الرسوم الجمركية الأميركية في ظل إدارة ترامب الثانية.
كما وافقت الحكومة الصينية على رفع العجز في الميزانية إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق، مع الحفاظ على هدف النمو الاقتصادي عند نحو 5%.
الشهر الماضي وافقت السلطات على إصدار سندات خزانة خاصة بقيمة 3 تريليونات يوان في عام 2025، وهو ما سيكون أعلى مستوى على الإطلاق.