استغلت الصين فرصة تراجع الدولار في الأسابيع الماضية لترفع مشترياتها من العملة الأميركية لتعزز احتياطياتها من النقد الأجنبي والتي بلغت معدلات قياسية.
جاء ذلك في الوقت الذي فقد فيه الدولار قوته بفعل توقعات الأسواق لنهاية دورة التشديد، وعلى النقيض من تحذيرات موديز بشأن تآكل الملاءة المالية لبكين فيلاظل الدعم المستمر للشركات المتعثرة.
وفي الوقت ذاته ورغم ارتفاع أسعار الذهب عالميًا إلى مستويات قياسية، لم يتواني المركزي الصيني عن تطيس الذهب ليضيف إلى رصديه ما يقرب من 380 ألف اوقية جديدة.
3.17 تريليون دولار
وفي غضون ذلك أظهرت بيانات المركزي الصيني بنك الشعب ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي الصيني خلال شهر نوفمبر الماضي بنسبة بلعت 2.28% على أساس شهري.
وارتفع الاحتياطي ليصل إلى مستوى 3.1718 تريليون دولار أميركي، مرتفعاً من 3.1012 تريليون دولار أميركي التي وصل اليها بنهاية أكتوبر الماضي.
وأعلن بنك الشعب الصيني (PBOC) أن احتياطيات النقد الأجنبي في نوفمبر بلغت 3.17 تريليون دولار ، بزيادة شهرية قدرها 70.583 مليار دولار أمريكي، أعلى من المتوقع 3.14 تريليون دولار .
وخلال هذه الفترة، بلغ احتياطي الذهب 71.58 مليون أوقية، مقارنة مع 71.2 مليون أوقية في أكتوبر، بنمو قدره 380 ألف أوقية، مسجلا الشهر الـ13 من الصعود.
سبب الزيادة
وأرجعت الهيئة الوطنية للنقد الأجنبي، هذه الزيادة إلى التأثير المجمع لتغير سعر صرف العملات وتغيرات أسعار الأصول.
وأشارت الهيئة إلى أن الاقتصاد الصيني أظهر مرونة قوية وإمكانات ضخمة ومساحة كبيرة للمناورة، مشيرة إلى أن الأساسيات الجيدة للاقتصاد الصيني لم تتغير، ما يساعد على الحفاظ على استقرار احتياطيات النقد الأجنبي بالبلاد.
وانخفض مؤشر الدولار الأميركي في شهر نوفمبر، فيما ازدادت أسعار الأصول المالية العالمية، متأثرة بتوقعات السياسات النقدية للاقتصادات الرئيسية وبياناتها حول الاقتصاد الكلي، بحسب الهيئة.
إعادة شراء عكسية
كما أجرى بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) اليوم الجمعة، عمليات إعادة شراء عكسية لأجل 7 أيام، بقيمة 197 مليار يوان (27.7 مليار دولار أميركي)، وبسعر فائدة 1.8%.
وتهدف هذه الخطوة إلى الحفاظ على سيولة معقولة ووافرة في النظام المصرفي، وفقاً لما قال البنك المركزي في بيان له.
وتعتبر عمليات إعادة الشراء العكسية، عمليات يشتري فيها البنك المركزي أوراقاً مالية من البنوك التجارية من خلال تقديم عطاءات، مع الاتفاق على إعادة بيعها إليها مرة أخرى في المستقبل.
تحذير مفاجئ
وتأتي زيادة الاحتياطي النقدي في الوقت الذي حذرت فيه موديز من تآكل الاحتياطي الأجنبي في ظل مساعي الصين لتقديم الدعم للشركات المتعثرة.
وغيرت وكالة موديز لخدمات المستثمرين (“موديز”) اليوم نظرتها المستقبلية إلى سلبية من مستقرة بشأن التصنيفات الائتمانية للحكومة الصينية.
وحذرت موديز من انه من المرجح أن يؤدي الدعم المالي للمؤسسات والشركات المملوكة للدولة التي تعاني من ضغوط مالية إلى تقليل القوة المالية للصين وفعالية السياسات.
وفي غضون ذلك حذرت موديز من أن استمرار تقديم الدعم للشركات المتهالكة في قطاع العقار من شأنه أن يضعف الملاءة المالية للصين وكذلك يضعف قدرتها المستقبلية من ناحية الكفاية المالية.
مخاطر متزايدة
وقالت موديز: “يعكس تغير التوقعات أيضًا المخاطر المتزايدة المرتبطة بالنمو الاقتصادي المنخفض هيكليًا ومستمرًا على المدى المتوسط والتقليص المستمر لحجم القطاع العقاري”.
وأضافت موديز: “تسلط هذه الاتجاهات الضوء على المخاطر المتزايدة المرتبطة بفعالية السياسات، بما في ذلك التحدي المتمثل في تصميم وتنفيذ السياسات التي تدعم إعادة التوازن الاقتصادي مع منع المخاطر واحتواء التأثير على الميزانية العمومية للديون السيادية”.
ضعف العقار
وقالت موديز: “في ضوء هدف السياسة المعلنة للحكومة الصينية، نتوقع على المدى المتوسط، أن يظل قطاع العقارات لديها أضعف مما كان عليه قبل التصحيح العقاري الذي بدأ في عام 2021”.
ونتيجة لذلك، أشارت موديز إلى أن القعار الصيني يواجه خسارة هيكلية من إيرادات مبيعات الأراضي، والتي شكلت 37% من إيراداتها (باستثناء التحويلات من الحكومة المركزية) في عام 2022.
ولفتت إلى أن المناطق التي تعتمد بشكل كبير على مبيعات الأراضي غير قادرة على تعويض الخسارة في الإيرادات من مصادر أخرى ماديًا وستواجه ضغوطًا مالية المستقبل المنظور من وجهة نظر وكالة موديز.
قدرة الحكومة
ولفتت موديز إلى أن فقدان إيرادات مبيعات الأراضي يؤدي إلى تقليل قدرة الحكومة على دعم الشركات المحلية المملوكة للدولة، بما في ذلك بعض الكيانات التي تعتمد بشكل كبير على التمويل.
وتتوقع وكالة موديز ظهور المزيد من الأدلة على بلورة الالتزامات الطارئة، مما يعني أنه سيتم توفير الدعم المالي للشركات المملوكة للدولة من قبل الحكومة والقطاع العام على نطاق أوسع.