almontasher – أظهرت دراسة صادرة عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، اليوم الخميس، أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء في المنطقة العربية قد اتسعت بشكل ملحوظ، خاصة منذ الاحتجاجات التي اجتاحت عدداً من بلدان العالم العربي في عام 2011، مما يعكس ارتفاعاً كبيراً في عدم المساواة في الثروة على مدى العقدين الماضيين.
وعلى الرغم من نمو ثروات الأسر العربية بوتيرة أسرع من المتوسط العالمي، إلا أن هذه الفجوة زادت حدة بشكل كبير منذ تلك الفترة.
وتحمل الدراسة عنوان «الاتجاهات غير المتكافئة لتراكم الثروة في المنطقة العربية»، وتسعى إلى تسليط الضوء على التفاوت في الثروة بين البلدان ذات الدخل المنخفض وتلك ذات الدخل المتوسط والمرتفع في المنطقة.
مسارات الثروة المتباينة
وفقاً للدراسة، التي اطلعت عليها «إرم بزنس»، نما متوسط ثروة المقيمين في المنطقة العربية بوتيرة سريعة بين عامي 2000 و2010، حيث بلغ معدل النمو 8.4%، متجاوزاً المتوسط العالمي البالغ 5.9%. وشهدت البلدان ذات الدخل المنخفض أسرع معدل نمو خلال تلك الفترة، مما يشير إلى تقارب نسبي في الثروات.
إلا أن هذه الاتجاهات انعكست بين عامَي 2010 و2022، حيث استمرت ثروات البلدان ذات الدخل المتوسط والمرتفع في النمو – وإن كان بوتيرة أبطأ – بينما شهدت البلدان ذات الدخل المنخفض تراجعاً في نصيب الفرد من الثروة الشخصية، من 5,100 دولار في عام 2010 إلى 3,200 دولار فقط في عام 2022.
وفي هذا السياق، أعرب خالد أبو إسماعيل، كبير مسؤولي الشؤون الاقتصادية في (الإسكوا)، عن قلقه بشأن اتساع الفجوة في الثروة. وقال: «إن هذا التفاوت يعرض البلدان ذات الدخل المنخفض لخطر التخلف عن محيطها الإقليمي والعالمي، مما يهدد التماسك الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي».
تفاوت صارخ
وقد ازداد التفاوت في الثروة بين البلدان المرتفعة الدخل وتلك المنخفضة الدخل بشكل ملحوظ. ففي عام 2022، بلغ متوسط الثروة في البلدان ذات الدخل المرتفع 31 ضعف متوسط الثروة في البلدان ذات الدخل المنخفض في المنطقة العربية.
تركّز الثروة
تسلّط الدراسة الضوء أيضاً على زيادة تركّز الثروة داخل البلدان. ففي البلدان ذات الدخل المنخفض، ارتفعت حصة أغنى 10% من السكان من 55% في عام 2000 إلى 64% في عام 2022. أما في البلدان ذات الدخل المتوسط، فقد زادت هذه الحصة من حوالي 58% إلى 62%. وعلى العكس من ذلك، شهدت البلدان ذات الدخل المرتفع انخفاضاً في تركّز الثروة بين أعلى 10% من السكان، حيث انخفضت من 74.7% إلى 69.6%.
في الوقت نفسه، انخفضت حصة النصف الأفقر من السكان في البلدان العربية ذات الدخل المنخفض من 10.7% في عام 2000 إلى 7.6% فقط بحلول عام 2022. وتشير هذه الاتجاهات إلى أن الثروة أصبحت تتركز بشكل متزايد بين الأغنياء، وبخاصة في البلدان ذات الدخل المنخفض، ما يؤدي إلى تفاقم التباين ويقوض جهود الحد من الفقر.
نداء لاتخاذ إجراءات شاملة
ولمعالجة هذه التفاوتات المتزايدة، تدعو الدراسة إلى اتباع نهج سياسي شامل ومتعدد الأوجه يهدف إلى تعزيز التوزيع العادل للثروة ودفع عجلة النمو الاقتصادي الشامل.
وتشمل التوصيات الرئيسية توسيع فرص تراكم الثروة لدى الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط من خلال تسهيل الوصول إلى الخدمات المالية ومبادرات تجميع الثروات. ويمكن أن يؤدي فرض الضرائب التصاعدية على الأصول التي تتجاوز حداً محدداً وعلى نقل الثروات الكبيرة إلى توليد الإيرادات التي يمكن استخدامها في تمويل البرامج التي تدعم الفئات المحرومة.
كما تدعو الدراسة، التي تؤكد على ضرورة التعاون الإقليمي، إلى تنسيق السياسات الضريبية وتحسين الش
ضرائب التصاعدية على الأصول التي تتجاوز حداً محدداً وعلى نقل الثروات الكبيرة إلى توليد الإيرادات التي يمكن استخدامها في تمويل البرامج التي تدعم الفئات المحرومة.
كما تدعو الدراسة، التي تؤكد على ضرورة التعاون الإقليمي، إلى تنسيق السياسات الضريبية وتحسين الشفافية من خلال الإبلاغ الإلزامي عن الثروة.
وأكّد أبو إسماعيل أن «معالجة التفاوت في الثروة ليست مجرد ضرورة أخلاقية فحسب، بل إنها مفتاح للتعافي الاقتصادي والنمو المستدام في المنطقة العربية».
وأضاف: «نحن بحاجة إلى جهود منسقة لتنفيذ هذه السياسات، وبخاصة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتأثرة بالصراعات».
ويؤكد التقرير أن تحقيق التعافي الاقتصادي والنمو الشامل، وبخاصة في البلدان ذات الدخل المنخفض، يشكل الأولوية الإقليمية القصوى. وهذا يتطلب إحلال السلام الدائم، وتنفيذ الإصلاحات اللازمة للاستقرار الاقتصادي والسياسي، وتعزيز الحوكمة.