افتتاح أيام بيروت للتحكيم: ابرز حدث قانوني للتحكيم في قلب العاصمة اللبنانية
مايو 20, 2025
1,879 زيارة
نقر اي صورة لتكبيرها
almontasher>>انطلقت أعمال الدورة الافتتاحية من أيام بيروت للتحكيم، التي ينظمها المركز اللبناني والدولي للتحكيم التابع لنقابة المحامين في بيروت (LIAC-BBA)، في حدث غير مسبوق يجمع نخبة من الخبراء والممارسين والباحثين في مجال التحكيم من لبنان والعالم.
وشهدت جلسة الافتتاح حضور شخصيات بارزة تقدمتهم نقيب المحامين في بيروت الأستاذ فادي المصري، إلى جانب الأستاذ المحامي البروفيسور نجيب الحاج شاهين صاحب فكرة ايام بيروت للتحكيم، مدير أيام بيروت للتحكيم، ووزير الإعلام الدكتور بول مرقص، ووزير العدل القاضي عادل نصار. وكان الحدث الأبرز في الجلسة كلمة رئيس الحكومة القاضي نواف سلام، الذي ألقى كلمة افتتاحية عكست أهمية المؤتمر في سياق العدالة الدولية وتعزيز موقع لبنان القانوني.
نص كلمة سلام :
“يسرني أن أخاطبكم اليوم في النسخة الافتتاحية من “أيام التحكيم في بيروت”، التي تستضيفها نقابة المحامين في بيروت. إن هذا المؤتمر الدولي يُعد دليلا إضافيا على نهوض بيروت من جديد، وتجدد لبنان كمركز حيوي تلتقي فيه أصوات متنوعة، وتتبلور فيه الأفكار، وتولد فيه الفرص. تأسست نقابة المحامين في بيروت عام 1919 – أي قبل عام من إعلان دولة لبنان الكبير – لتنظيم مهنة المحاماة، وصون أخلاقياتها في دولة ناشئة. وعلى مدى قرن من الزمن، صمدت النقابة في وجه الحروب والاضطرابات السياسية، محافظة على التزامها الثابت بالمبادئ الديمقراطية وسيادة القانون. وأفخر بأن مسيرتي المهنية بدأت هنا، منذ عدة عقود”.
اضاف: “لكنني اليوم أعود إلى هذا المجتمع القانوني، لا لأتحدث عن الماضي، بل لأعرض رؤية للمستقبل: خارطة طريق لتحويل بيروت إلى مركز للتحكيم الدولي – الوسيلة الأبرز عالميا لحل النزاعات التجارية والاستثمارية العابرة للحدود”.
وتابع: “كما تعلمون جميعا، يشكل التحكيم ركيزة أساسية في التجارة الدولية والاستثمار الأجنبي، إذ يوفر آلية محايدة وفعّالة وقابلة للتنفيذ لحل النزاعات الناشئة عن الأنشطة التجارية العابرة للحدود. وبالتالي، فإن تحويل بيروت إلى مقر موثوق للتحكيم، من شأنه أن يدمج لبنان بشكل أعمق في الأطر القانونية وشبكات تسوية النزاعات التي تدعم الاقتصاد العالمي. وبتحويل بيروت إلى مركز تحكيم دولي، سنحفّز أيضا الاقتصاد اللبناني. فمركز التحكيم ليس فقط موقعا لعقد الجلسات والمرافعات، بل هو أيضا وجهة. وجهة يقصدها المهنيون، تُعقد فيها المؤتمرات، ويكتشف فيها الزوّار – عن غير قصد ربما، ولكن ليس بلا أهمية – الثقافة النابضة للبنان وشعبه”.
وقال: “في الواقع، تتجاوز هذه الرؤية مجرد التنمية الاقتصادية والازدهار. في جوهرها، تتعلق بإعادة تعريف صورة لبنان ودوره – من بلد تنشأ فيه النزاعات، إلى بلد تُحل فيه النزاعات بطرق سلمية. خلال فترة عملي في الأمم المتحدة، سعيت إلى سياسة “النأي بالنفس” عن الصراعات العربية – العربية، حفاظًا على أمن لبنان واستقراره. واليوم، أعتقد أننا قادرون على البناء على هذا النهج، بل والطموح إلى ما هو أكثر: يمكننا أن نسعى إلى جعل لبنان بلدا يسهل ويُسهم في حل النزاعات، ليس فقط في المسائل التجارية، بل مع الوقت، ضمن الإطار الأشمل لبناء السلام، والدبلوماسية، وحوار الثقافات والشعوب”.
أضاف: “كما أن ترسيخ بيروت كمركز للتحكيم الدولي، من شأنه أن يعيد تأكيد هويتها كمدينة للقانون، وهو إرث يعود إلى العصور الرومانية. لقد أثبت القانونيون اللبنانيون حضورهم في أهم مراكز التحكيم العالمية، وساهموا في تطوير قواعد وممارسات التحكيم. ولأذكر مثالا واحدا: القرار التاريخي في قضية Salini v. Morocco، الذي عرّف مفهوم “الاستثمار” في التحكيم بين المستثمرين والدول، يحمل توقيع الفقيه القانوني اللبناني الراحل، الأستاذ إبراهيم فضل الله”.
وتابع: “نستطيع اليوم أن نمضي أبعد، وأن نتخيل بيروت كمختبر للفكر القانوني من خلال التحكيم: مكان تُصاغ فيه المعايير القانونية العالمية، وتُختبر وتُجدد، من قبل هيئات تحكيمية تتخذ من بيروت مقرا لها. بيروت بالفعل في موقع فريد لتكون مركزا للتحكيم الدولي. معظم المحامين اللبنانيين يتقنون العربية والفرنسية والإنكليزية، ما يمكّنهم من التعامل مع قضايا التحكيم بهذه اللغات القانونية الثلاث الأساسية. كما أن العديد من القانونيين اللبنانيين تلقوا تدريبهم في مؤسسات عالمية، وعادوا بخبرات دولية غنية”.
وقال: “من الناحية الجغرافية، نحن على بُعد ساعات قليلة جوا من مراكز أوروبا والخليج وأفريقيا. ومن الناحية الثقافية، يحمل مجتمعنا إرثا غنيا من التفاوض والوساطة والحوار. والأهم، أن لبنان انضم إلى اتفاقية نيويورك عام 1998، ما يضمن الاعتراف بأحكام التحكيم اللبنانية وتنفيذها في حوالي 170 دولة”.
اضاف: “كل هذه عوامل قوية، لكنها تحتاج إلى مؤسسات قوية وبنية تحتية حديثة حتى نحقق إمكانياتها الكاملة. وفي هذا الإطار، أقول بفخر إن الحكومة تتحرك بسرعة لتنفيذ رؤيتنا للبنان الجديد – لبنان نُنعش فيه الاقتصاد، ونُعيد فيه الثقة بين المواطنين والدولة، ونُعزز فيه الخدمات العامة، وندعم فيه سيادة القانون. وهذه هي الأسس الضرورية لتتحول بيروت إلى مركز تحكيم دولي. وتشمل هذه الأسس:
ضمان استقلالية القضاء.
رغم أن التحكيم عملية خاصة تقودها الأطراف، إلا أنه يعتمد على النظام القضائي الذي ينتمي إليه. فالمحاكم في مقر التحكيم لها دور إشرافي، خاصةً في دعاوى الإبطال، وأيضًا في التدابير المؤقتة أو الطعن في المحكّمين.
السبب الرئيسي لاختيار التحكيم هو وعده بالعدالة والحياد والاستقلالية. وينطبق هذا الطموح على اختيار مقر التحكيم. ولهذا السبب، فإن مشروع قانون استقلال القضاء – الذي أقرّه مجلس الوزراء وهو اليوم أمام مجلس النواب – يُعد خطوة بالغة الأهمية. إنه لا يحمي فقط الحقوق والحريات، ويعزز ثقة المستثمرين، بل يضع الأساس لبيروت كمقر موثوق وجدير بالثقة في مجال التحكيم.
2. تحديث الحوكمة من خلال التحول الرقمي.
من التوقيعات والدفع الإلكتروني إلى المنصات القضائية الرقمية ورقمنة السجلات العامة، تلتزم حكومتنا بجعل التفاعل مع الدولة أكثر كفاءة وشفافية. وهذا يشمل تحسين الوصول إلى القوانين والأحكام القضائية، مما يضفي الشفافية والوضوح أمام الأطراف التي تنظر إلى بيروت كمقر محتمل لتحكيمها. كما سيستفيد أطراف النزاعات بعد صدور الأحكام من تحسين الوصول إلى المحاكم والاطلاع على الإجراءات الجارية.
3. إعادة بناء الثقة في النظام المصرفي والمالي.
من خلال إقرار قانون رفع السرية المصرفية، وإقرار مشروع قانون حلّ المصارف في مجلس الوزراء، والسعي نحو قانون عادل لتوزيع الخسائر المالية (قانون “الفجوة”) – نحن نحرز تقدما حقيقيا في حل الأزمة المصرفية، وتحقيق العدالة للمودعين، وتعزيز اندماج لبنان في النظام المالي العالمي. وجود نظام مصرفي آمن وموثوق أمر أساسي لأي مركز تحكيم. بدونه، لن يثق الأطراف بقدرة مؤسسات التحكيم على تنفيذ المهام المالية الضرورية مثل تحصيل الرسوم، ودفع مستحقات الخدمات، وإدارة حسابات الضمان.
4.إعادة إحياء القطاعات الاقتصادية الأساسية وتحسين الخدمات العامة.
لقد وضعنا إجراءات شفافة ومعايير تعتمد على الكفاءة في التعيينات العامة، كما أنشأنا هيئات تنظيمية مستقلة لتنشيط القطاعات الحيوية، كالكهرباء والاتصالات. توفر الكهرباء الموثوقة والبنية التحتية القوية للاتصالات أمر لا غنى عنه في التحكيم، خاصة في العصر الرقمي حيث أصبحت الجلسات الافتراضية جزءا من الممارسات العادية.
5. تحديث مطار بيروت الدولي وطريق المطار، إضافة إلى إطلاق مطار دولي ثانٍ في القليعات خلال عام.
تحسين سهولة الوصول إلى لبنان أمر ضروري لجذب المسافرين من رجال الأعمال، وطبعا ممارسي التحكيم ليسوا استثناء.
6. وأخيرا وليس آخرا، استعادة سيادة لبنان وضمان الأمن والاستقرار في جميع أراضيه.
البيان الوزاري للحكومة واضح: يجب أن تحتكر الدولة وحدها امتلاك واستخدام السلاح في لبنان.
لقد اتخذنا – وسنواصل اتخاذ – خطوات ملموسة لضمان أن تكون الأسلحة بيد الدولة فقط. وفي الوقت نفسه، نبقى ملتزمين بجهودنا لإنهاء الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على لبنان، في انتهاك للقانون الدولي.
إن لبنان المستقر والآمن والسيد، يمنح الثقة للأطراف في التحكيم وممارسة الأعمال هنا”.
وتابع: “أود أن أؤكد أننا مصممون على تنفيذ المزيد من الإصلاحات البنيوية لإنعاش الاقتصاد واستعادة الثقة بالدولة. وإلى جانب هذه الجهود العامة، فإن مبادرات إصلاحية محددة في مجال التحكيم الدولي ضرورية لترسيخ بيروت كوجهة رائدة. وتشمل هذه:
تحديث القوانين المتعلقة بالتحكيم لتتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، بما في ذلك قانون الأونسيترال النموذجي،
تعزيز استقلالية الأطراف والحد من التدخل القضائي غير الضروري،
تقوية مراكز التحكيم لدينا، أو حتى العمل على افتتاح مكتب إقليمي لمحكمة التحكيم الدائمة (PCA) في بيروت،
وتوفير تدريب متخصص للقضاة حول مبادئ تسوية النزاعات الدولية”.
وختم: “ترحب حكومتي بملاحظاتكم ومساهماتكم – خلال هذا المؤتمر وما بعده – بينما نعمل معا لوضع استراتيجية وطنية موحدة لتعزيز التحكيم الدولي في لبنان. أدعوكم للانضمام إلينا – ليس فقط في تطوير التحكيم في لبنان، بل في المساهمة في تجديد بيروت وبلدنا ككل. معا، يمكننا بناء مستقبل يرتكز إلى العدالة، والشراكة، والفرص”.
وافتتح البروفسور نجيب الحاج شاهين، مدير مركز التحكيم اللبناني والدولي في نقابة المحامين في بيروت LIAC-BBA)) وصاحب فكرة المؤتمر، كلمته بالتأكيد على أهمية هذا الحدث، واصفاً إياه بأنه “محطة مفصلية في مسيرة العدالة والقانون في لبنان والمنطقة”.
وأوضح أن “أيام بيروت للتحكيم” ليست مجرد مؤتمر عادي، بل هي منصة حوار قانوني دولي تهدف إلى إبراز بيروت كمركز إقليمي متقدم في مجال التحكيم وتسوية النزاعات، تستقطب أكثر من ألف مشارك من أكثر من أربعين دولة، ومشاركة أكثر من ستين متحدثاً لبنانياً ودولياً.
وأضاف الحاج شاهين أن “مركز التحكيم شهد إعادة هيكلة شاملة، تضمنت تشكيل هيئة إدارية جديدة ومجلس أعلى للتحكيم، وتعديل قواعد التحكيم المعمول بها لتكون متوافقة مع أفضل المعايير العالمية، مع الالتزام بالشفافية والكفاءة، معززين بذلك مكانة لبنان كمركز قانوني رائد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.”
مصري
ومن جهته، أكد نقيب المحامين في بيروت فادي مصري أن “الأزمات العميقة التي ضربت لبنان لن تقهر إرادة القانون ولا “أم الشرائع””، كما يُلقب تاريخياً لبنان، مشيراً إلى فخر نقابة المحامين باستضافة أكبر فعالية قانونية على أراضيها.
وشرح مصري أن “التحكيم في لبنان والعالم ليس وليد الصدفة، بل جاء تلبية لحاجة حقيقية الى مواكبة العولمة وحل المشكلات التجارية والقانونية بشكل أسرع وأكثر فعالية من القضاء العدلي التقليدي”.
وأضاف أن “التحكيم يوفر عدالة فاعلة تُمكن المتنازعين من نيل حقوقهم بسرعة، مما يخفف الضغط على القضاء العدلي ويساعده في البت بالقضايا العالقة”.
وشدد على أن “أهمية هذا الحدث ليست فقط قانونية، بل وطنية وحقوقية، كونه يضع لبنة أساسية لإعادة بناء المنظومة القانونية في لبنان، ويبرز دور النقابة في خلق ديناميكية قانونية حيوية تدعم مسيرة النهوض الوطني”.
نصار
وبدوره، أكد وزير العدل القاضي عادل نصار امتلاك لبنان جميع المقومات الضرورية ليكون لاعبًا أساسيًا في مجال التحكيم على الصعيدين الوطني والدولي”.
وأشار إلى ضرورة مساهمة وزارة العدل بشكل فعال في تطوير هذا القطاع، مشددًا على أن التحكيم هو وسيلة بديلة لتسوية النزاعات ولا يجب أن يغيب عن الأذهان دور القضاء، بل يجب تعزيز التعاون بين القضاة والمحكمين.
كما طرح نصار تساؤلات مهمة حول “الحاجة إلى وضع معايير صارمة للحكم المطلق في قضايا التحكيم، وضمان إجراءات محكمة تضمن نزاهة وشفافية العملية التحكيمية”، مؤكدًا أن لبنان يملك الطاقات البشرية والقانونية التي تؤهله لتبوؤ مكانة مميزة في هذا المجال.
مرقص
كما ألقى وزير الإعلام، الدكتور بول مرقص، كلمة ركز فيها على أهمية الدور الذي يؤديه الإعلام في نشر ثقافة العدالة والحوار المجتمعي.
وقال إن “تنظيم هذا المؤتمر الكبير يعكس إيمان لبنان العميق بقدرته على النهوض من جديد، رغم كل التحديات التي يواجهها”.
وأشار مرقص إلى أن “التحكيم خيار حضاري يعزز ثقة المستثمرين، ويساهم في خلق بيئة استثمارية جاذبة، مشدداً على ضرورة أن تصبح بيروت عاصمة إقليمية للتحكيم، حيث يلتقي الإعلام والقانون لنشر ثقافة العدل والشفافية”.
كما لفت إلى دور نقابة المحامين في الحفاظ على الحقوق والحريات، واعتبرها “مدرسة فريدة في رسالة المحاماة التي أثبتت تاريخياً أنها ليست مجرد مهنة، بل رسالة مجتمع ومسؤولية وطنية.”
اتفاقية
وشهد اليوم الافتتاحي لفعاليات “أيام بيروت للتحكيم” محطة لافتة تمثّلت بتوقيع اتفاقية تعاون بين مركز التحكيم اللبناني والدولي في نقابة المحامين في بيروت (LIAC-BBA) وجمعية المحامين القطرية، بحضور شخصيات قضائية وحقوقية ودولية رفيعة المستوى.
وقد شكّل توقيع هذا الاتفاق خطوة نوعية في سياق ترسيخ موقع بيروت كمركز إقليمي للتحكيم، وتأكيداً على ثقة المجتمع القانوني العربي في إمكانيات نقابة المحامين في بيروت ومركزها التحكيمي، الذي شهد مؤخرًا إعادة هيكلة شاملة.
السليطي
وفي كلمته خلال حفل التوقيع، أعرب المحامي مبارك بن عبد الله السليطي، رئيس جمعية المحامين القطرية، عن اعتزازه بوجوده في بيروت، واصفًا المدينة بأنها “منارة الفكر الحقوقي العربي ومهد ثقافة القانون في المنطقة”.
وقال السليطي إن التوقيع على هذه الاتفاقية “ليس مجرد إجراء بروتوكولي، بل يعكس إيمانًا مشتركًا بين قطر ولبنان بأهمية دعم ثقافة التحكيم كوسيلة حضارية وفعالة لحل النزاعات، ودور المحامين في قيادة هذا المسار”.
وشدّد على أن الجمعية ترى في نقابة المحامين في بيروت “شريكًا طبيعيًا في أي مشروع إقليمي يهدف إلى ترسيخ سيادة القانون وتطوير أدوات العدالة البديلة”، مضيفًا أن “هذه الاتفاقية ستُترجم إلى برامج تدريبية متخصصة، ومشاريع قانونية مشتركة، ومبادرات مهنية ملموسة”.
مصري
من جهته، رحّب نقيب المحامين في بيروت، الأستاذ فادي مصري، بالشراكة مع جمعية المحامين القطرية، معتبرًا أنها “خطوة رائدة على طريق تعزيز التواصل بين النقابات العربية وتوحيد الرؤى القانونية في ما يخص التحكيم وتحديث القوانين.”.
وأشار مصري إلى أن “هذه الاتفاقيات، التي تتضمن أيضًا تعاونًا مع جمعيات ونقابات أخرى في المنطقة، تشكل جزءًا من رؤية استراتيجية تهدف إلى وضع بيروت على خارطة المراكز القانونية الدولية الفاعلة”.
ويُنتظر أن تؤسّس هذه الاتفاقيات، وفي مقدّمتها الاتفاق مع الجانب القطري، لشبكة عربية متكاملة في مجالات التحكيم، التدريب المهني، وتبادل الخبرات القانونية، في وقت يتزايد فيه الاعتماد على التحكيم كمجال بديل لتسوية النزاعات.
جلسة اولى
وشهدت الجلسة الحوارية الأولى من فعاليات “أيام بيروت للتحكيم” لعام 2025، التي عُقدت في 20 أيار في بيت المحامي، نقاشًا معمّقًا حول موضوع: “هل يمكن لبيروت أن تصبح عاصمة التحكيم في العالم العربي؟ من الجذور التاريخية إلى الفرص المستقبلية”.
واستعرض كل من الدكتور عبد الحميد الأحدب (رئيس مجلس أمناء المركز اللبناني للتحكيم،
وأحد أبرز روّاد التحكيم في العالم العربي) والبروفيسور فايز الحاج شاهين (رئيس مركز التحكيم في نقابة المحامين في بيروت وأستاذ القانون وخبير في القانون الدولي والتحكيم)، التاريخ القانوني الغني لبيروت، مؤكدين على دورها كمركز قانوني وثقافي في العالم العربي، ومشيرين إلى أهمية هذا الإرث في تعزيز مكانتها في مجال التحكيم.
وناقش المشاركون الحاجة إلى تطوير الإطار القانوني والمؤسسي في لبنان لدعم التحكيم، بما في ذلك تحديث القوانين وتوفير بيئة قضائية مستقلة وفعالة.
وتحدث بيار إيف غونتر (شريك في مكتب Bär & Karrer السويسري، وخبير دولي في التحكيم التجاري والاستثماري) ومارك هنري (محامٍ دولي ومحكّم بارز في قضايا التحكيم الدولي،شريك مؤسس في مكتب Marc Henry Avocats بباريس)، عن التحديات التي تواجه بيروت، مثل الاستقرار السياسي والاقتصادي، وأكدوا على الفرص المتاحة لتعزيز موقعها كمركز تحكيم إقليمي من خلال التعاون الدولي وتطوير البنية التحتية القانونية.
وأشارت البروفيسورة لارا كرم بستاني (نائبة رئيس المركز اللبناني للتحكيم، وعميدة كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة القديس يوسف) إلى أهمية التعليم والتدريب في مجال التحكيم، ودعت إلى تعزيز البرامج الأكاديمية والتدريبية لتأهيل جيل جديد من المحكمين والمحامين المتخصصين.
وأكد الدكتور طلال جابر (رئيس لجنة التدريب في المركز اللبناني للتحكيم، وأستاذ جامعي ومحكّم معتمد) ضرورة تعزيز التعاون بين بيروت ومراكز التحكيم الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أن الشراكات والتبادل المعرفي يمكن أن تسهم في رفع مستوى التحكيم في لبنان.
واتفق المشاركون على أن بيروت تمتلك المقومات التاريخية والثقافية لتكون عاصمة التحكيم في العالم العربي، ولكن تحقيق هذا الهدف يتطلب جهودًا متضافرة لتحديث الإطار القانوني، وتعزيز الاستقرار، وتطوير الكفاءات البشرية، وتوسيع التعاون الدولي.
ويُشار إلى أن “أيام بيروت للتحكيم” تستمر لثلاثة أيام، من 20 أيار حتى الـ 22 منه وتستضيف أكثر من ألف مشارك من أكثر من 40 دولة، من بينهم نخبة من القضاة والمحامين والباحثين، وتُعتبر من أكبر الفعاليات القانونية في المنطقة للعام 2025