“اسرئيل”تريد كل لبنان؟؟

المصدر اللواء:د. محمد دوغان

almontasher : في خضمّ التصعيد المستمر على الحدود الجنوبية، وانشغال الداخل اللبناني بالجدل حول دور المقاومة، ينسى كثيرون حقيقة أكبر وأخطر: أن إسرائيل لم تكن يوماً تعتبر حزب الله هو المشكلة، بل لبنان نفسه هو الهدف. فالحجّة الأمنية ليست سوى غطاء لمشروع تاريخي أعمق، يستند إلى رؤية توراتية ترى في لبنان جزءاً من «أرض الميعاد» الموعودة في النصوص الدينية اليهودية.

منذ تأسيس الحركة الصهيونية، انطلقت الدراسات والكتب الإسرائيلية من قناعة بأن دولة إسرائيل الكبرى يجب أن تمتد لتشمل «مملكة داوود» كما وردت في التوراة، أي من نهر مصر إلى نهر الفرات. ووفق هذه الرؤية، يشكّل لبنان – بأرضه وجباله ومياهه – جزءاً أساسياً من الحدود الشمالية الموعودة.

ففي عم 1917، نشر الحاخام صموئيل هلل إيزاكس دراسته بعنوان «الحدود الحقيقية للأرض المقدّسة»، معتمداً على أسفار التوراة لتحديد «إسرائيل التوراتية»، فاعتبر أن لبنان كله داخل تلك الحدود. واستشهد بسفر العدد (الإصحاح 34) وسفر يشوع وسفر التكوين، التي تذكر صراحةً أن تخوم أرض الميعاد تمتد إلى جبيل وصدد ومدخل حماة، أي عمق الجغرافيا اللبنانية الحالية.

ولم يقتصر هذا التفكير على رجال الدين. فالقادة الإسرائيليون أنفسهم عبّروا بوضوح عن هذا الطموح العقائدي. قال موشي دايان ذات يوم:

«ما دام عندكم كتاب التوراة، وما دمتم شعب التوراة، فيجب أن تكون لكم أرض التوراة».

أما الوزير الإسرائيلي الأسبق يغال آلون فقال عام 1968:

«مرتفعات الجولان جزء من إسرائيل التاريخية لا أقل من الخليل ونابلس. ألم يجلس يفتاح قاضياً فيها؟».

هذه الأقوال تكشف أن المشروع الإسرائيلي لم يكن يوماً مشروع أمنٍ أو دفاعٍ ذاتي، بل مشروع توسّع وجودي، يرى في كل شبر من لبنان جزءاً من الوعد الديني والسياسي.

ومن هنا، فإن كل حديث إسرائيلي عن «خطر حزب الله» ليس سوى قناع يخفي الطمع الحقيقي في الجغرافيا اللبنانية. فحتى قبل نشوء حزب الله بعقود، كانت الدراسات الصهيونية ترسم خرائط لبنان ضمن «إسرائيل الكبرى». واليوم، بينما تُصوّر تل أبيب نفسها ضحية تهديدات المقاومة، فإنها في الواقع تتابع مساعيها اللهيمنة على موارد لبنان ومياهه وحدوده.

لكن ما لم تدركه إسرائيل – منذ اجتياحها للبنان عام 1982 وحتى اليوم – أن لبنان ليس أرضاً رخوة ولا ساحة فراغ. فالمقاومة التي نشأت للدفاع عن الجنوب تحوّلت إلى درعٍ وطني يحمي السيادة ويمنع عودة أطماع التوراة من التحقق على الأرض.

ولذلك، فإن المعركة ليست مع حزب الله وحده، بل مع فكرة لبنان الحرّ المستقلّ الذي يرفض أن يكون هامشاً في خريطة «إسرائيل الكبرى».

أيها اللبنانيون،

الوقت ليس للانقسام أو الحسابات الضيقة، بل للوعي بالمشروع الحقيقي الذي يتربّص بكم منذ أكثر من قرن. فإسرائيل لن تتوقف عند ذريعة «المقاومة»، لأنها تريد ما هو أبعد: لبنان الذي في التوراة، لا لبنان الذي في الدستور.

عن mcg

شاهد أيضاً

​ زغيب شارك في إجتماع رؤساء البعثات للدورة الآسيوية الشاطئية في الصين ( سانيا – 2026 )

almontasher >شارك عضو اللجنة الأولمبية اللبنانية المحاسب روكز زغيب في إجتماع رؤساء البعثات لدورة الألعاب …