يشارك لبنان في الأرسنالArsenal) ضمن المعرض العالمي للفن المعاصر – بينالي البندقية ) لتسليط الضوء على أعمال فنية لبنانية معاصرة تسمح للبنان أن يشرق في جميع أنحاء العالم من خلال الفن والثقافة.
افتتح الجناح اللبناني في البندقية بحضور المفوّضة العامّة للجناح السيدة ندى غندور التي كانت محاطة بالفنانين: المخرجة السينمائية وصانعة الأفلام التسجيلية دانيال عربيد والفنان التشكيلي أيمن بعلبكي، وبمهندسة سينوغرافيا الجناح، المهندسة المعمارية ومؤسسة Culture in Architecture ألين أسمر دامان، والعديد من اللبنانيين وأصدقاء لبنان وممثلين من المؤسسات الشريكة.
وقد حضرت سفيرة لبنان في إيطاليا، السيدة ميرا ضاهر من روما للمشاركة بالافتتاح ودعم الجناح اللبناني.
برعاية وزارة الثقافة اللبنانية، ومن تنظيم الجمعيّة اللبنانيّة للفنون البصريّة (Lebanese Visual Art Association – LVAA)، يدعو الجناح اللبناني في المعرض العالمي التاسع والخمسين للفن المعاصر – بينالي البندقية إلى رحلة رمزيّة إلى عالمنا المعاصر بفضل الموضوع: العالم على صورة الإنسان، المدينة: بيروت، وفنّانان: دانيال عربيد وأيمن بعلبكي اللذان ينسجان عن بعد حوارًا سياسيًا وجماليًا من خلال أعمالٍ بعيدة قريبة في آن واحد. لكلّ عملٍ قيمتُه وموضوعه وتاريخه وأسراره. لكن وسط هذا “الجناح” وفيما يتواجه الفنّانان، يبقيان مرتبطين بهذا الموضوع غير المحدود، فيتناقشان لتجسيد خيال الإنسان الدائم الحركة على أرض الواقع.
وأشارت ندى غندور في كلمتها الافتتاحية: “أتشرّف بتأمين المفوّضيّة العامّة للجناح اللبناني. وبرعاية وزارة الثقافة، التي أشكرُها على ثقتِها، التزمت بتعزيز تميّز المشهد الفنّي اللبناني. يشكل تواجد الجناح اللبناني في الأرسنالArsenal) ) حدث استثنائي نفتخر به، لا سيما في الوضع الصعب الذي يمر به بلدنا. وهذه المشاركة هي رسالة قوية لتشجيع الفنانين اللبنانيين على الاستمرار ودعمهم، وإنها أيضًا رغبة شديدة في الحفاظ على المشهد الفني اللبناني الذي يمثل قطاعاً مهما ًفي لبنان.
وينطلق نصب “بوّابة يانوس” (Janus Gate) العظيم والطامح لأيمن بعلبكي كما فيديو “ألو، حبيبتي” (Allô Chérie) الصاخب لدانيال عربيد من شوارع بيروت إذ يتحاور الفنّانان مع تحضّر يحمل دلالات عدّة في مدينة تجسّد ليس لبنان وحسب، بل العالم أيضًا فيصوّرانها في خضمّ اضطرابات الأزمة العالميّة وعدم الاستقرار العاطفي في علاقتنا مع الواقع المحكومة بالتكنولوجيا.
ويقدّم أيمن بعلبكي نصبًا ثنائي الوجه، على صورة بيروت مشرذمة تتأرجح باستمرار، على غرار الإله اللاتيني يانوس، بين الماضي والمستقبل، بين الأخطار والوعود، بين الكواليس والواجهة، بين السِّلم والحرب.
وتمّ تزيين المساحة العامّة بإعلانات برّاقة تذكّر بواجهة المباني قيد الإنشاء الكثيرة في بيروت. أمّا من الناحية الخلفية، فكواليس الديكور هي لبيت حراسة قديم وهو كوخ متواضع في حيّ للفقراء. وبين المساحتين، يبقى الباب مفتوحًا للمرور عبره والتأرجح بين الناحية والأخرى.
وتنقل دانيال عربيد بطريقتها صدى هذه الشرذمة في بيروت في “ألو، حبيبتي” (Allô Chérie) من خلال نظرة مضطربة للزمان والمكان، تظهر جليّة بصور ملتَقطة بواسطة هاتف خليوي مبرِزةً التنافس المتزايد الذي يشتدّ ضراوةً بين الواقعي والافتراضي. وتشركنا عربيد في رحلة في سيّارة مع أمّها التي ذهبَت في سباق محموم إلى جني الأموال في شوارع بيروت، وهو مسعًى حميم بقدر ما هو سياسيّ عندما ندرك الأزمة التي تدمّر لبنان اليوم. فيُعرض أمام أعين الزوّار المشهد البيروتي من وراء الواجهة الأماميّة للمزيد من الغموض بين المساحة العامّة والمساحة الخاصّة.
ويستكشف الفنّانان هذه المناطق والأزمنة وخطوط التّماس المختلفة لنغوص في قصّة مثيرة ومتفجّرة مرسّخةً من خلال المسافة المُجزّأة. فيسلّط فيديو “ألو، حبيبتي” (Allô Chérie) الضوء على تطابق الصوت والصورة اللذين تمّ التقاطهما كلّ على حدة عبر استعمال تقنيّة الشاشة المنقسمة للمرّة الأولى في عمل دانيال عربيد. وكما في ألعاب الفيديو، نتأرجح معها تارّةً إلى اليمين وطورًا إلى اليسار فندخل في عملها الفني مثلما نجتاز “بوّابة يانوس” (Janus Gate).
أمّا أيمن بعلبكي فينوّع من جهته في فنّه التفاعلي التشكيلي: أقمشة الأشرعة المدمَّرة الممزّقة المرقّعة المحروقة المثقوبة والمطليّة أخيرًا بتقنية اللطخ، تشغل مساحات الخدع البصرية، معكِّرةً كلّ الدلائل المكانية الزمانية.
وإلى جانب الإبداع الجمالي، يوفّر هذا المعرض لجميع اللبنانيين المقيمين والمغتربين مساحةً للتبادل الرمزي حول تاريخ لبنان ومجتمع اليوم عبر الحوار الذي جسّده فنّانان: أيمن بعلبكي الذي يعيش ويعمل في لبنان، ودانيال عربيد التي تركت بلدها الأمّ في سنّ الـ17 ولكنّه بقي مصدر إلهام لها.
يُفسّر البعد السياسي لهذين العملين على ضوء الوضع الراهن في لبنان، فيعبّران عن التناقضات في البلد والصعاب التي يواجه من خلال العلامات الدالّة عليها. فيقترن السباق المحموم إلى جني الأموال بالعنف الذي يحتدم اليوم في لبنان. أمّا المضاربة العقارية التي تَعِد بالأحلام فتخفي الهلاك وتضللّ المشتري. وبدأ القلق بشأن الانهيار الاقتصادي والسياسي في لبنان يظهر أكثر فأكثر. ويُحيي كلاهما بوسائله الخاصّة وبسيرهما على خيط العودة الأبديّة جسد لبنان في خضمّ فوضاه وكمال جماله.
السينوغرافيا
كان على سينوغرافيا الجناح اللبناني أن تلبّي متطلّبات مشروع تنظيم الأعمال الفنيّة، أي فكرة الحوار التي تعتبر عاملًا أساسيًا في روح هذا المشروع.
وكصدى لأعمال دانيال عربيد وأيمن بعلبكي، تقدّم المهندسة المعماريّة ألين أسمر دامان جولة في قلب لبنان: “تتّخذ الهندسة المعماريّة للجناح شكل صدفة بيضاوية صلبة لتُشيرَ بذلك إلى العهد الأبدي بالنهضة والوحدة. يدعو الشكل الهندسي المغلف الأعمال إلى الحوار من دون حيل، بل وجهًا لوجه وعبر تقصير المسافات، كما هو حال محادثة فطريّة وطبيعيّة.”
تشير الهندسة المعماريّة الأولية للجناح اللبناني إلى الآثار المعاصرة للمشهد العمراني اللبناني، وإلى الـ”بيضة” في وسط المدينة لجوزيف فيليب كرم، وإلى مبنى المعرض الدولي “رشيد كرامي” ﻟ”أوسكار نيماير” في طرابلس.
إنّ هذا المعلم السينوغرافي الذي تبلغ مساحته 150 مترًا مربعًا تقريبًا، والمُستمدّ من العمارة الـ brutaliste التي ازدهرت في لبنان منذ الستينيات، يشير إلى تجوال أيمن بعلبكي ودانيال عربيد في بيروت. تغطّي المعلم ألواح منحنية مطليّة بنسيج خرساني يشير إلى هذه المدينة التي هي طور إعادة بناء دائمة.
عند دخول الجناح اللبناني، يلقى الزائر عمل أيمن بعلبكي قبل أن يلفت انتباهه فيديو دانيال عربيد المعروض على جدران المعلم.
بالنسبة إلى ألين أسمر دامان، يشهد اختيار الحركات المُتشدّدة وموادّ السينوغرافيا على الرغبة في الرزانة المفترضة للاستجابة لوضع البلاد الراهن”.
اللجنة العلميّة
تتمتّع اللجنة العلميّة بدور استشاري، وتتألّف من متخصّصين محليّين وعالميّين، وتهدف إلى تقديم توصيات وإنشاء بيئة للتفكير والتبادل والمناقشة مع الفنّانين والمهندسة المعمارية-السينوغراف.
تتألف هذه اللجنة من ندى غندور، أمينة التراث والمفوَّضة العامّة للجناح اللبناني، جان فرانسوا شارنييه، أمين عام التراث، المدير العلمي لAFALULA، لُمى سلامة، المديرة الإداريّة لمؤسّسة بوغوسيان – فيلا آمبان في بروكسل، وأنابيل تيناز، كبيرة أمناء التراث ومديرة متحف
Abattoirs, Musée – Frac Occitanie Toulouse.
شركاء المشروع
مؤسّسة رمزي وسائدة دلول للفنون (DAF)، مجموعة “فيتال”، مؤسسة ايلي خوري للفنون، كاتاويكي، ومؤسسة بوغوصيان.
Ramzi & Saeda Dalloul Art Foundation (DAF), Groupe Vital, Elie Khouri Art Foundation, Catawiki et La Fondation
Boghossian