2024 هي سنة الانتخابات، ونتائج بعضها محسومة
العالم في مخاض. مؤلم بحروبه ونزاعاته. مفتوح باحتمالاته ومآلاته. الأرقام تقول ذلك. في عام 2023، وقع 183 نزاعا، أعلى رقم منذ أكثر من ربع قرن. في عام 2024، هناك 40 انتخابا، تجرى في دول تشكل نحو نصف سكان العالم.
اخترنا أن نصدر عددا خاصا لـ”المجلة” بداية 2024، باللغة الإنكليزية إلى جانب العربية، للحديث عن هذه النزاعات والانتخابات التي تفتح الباب لصراعات وصفقات.
لا شك أن هذه الحروب وتلك الانتخابات فيها جوانب جيوسياسية وتساهم مع عوامل أخرى، في تشكيل نظام عالمي جديد. حروب صغيرة تسيطر فيها 459 جماعة مسلحة على 195 مليون إنسان، بينها عصابات تتنافس على المخدرات. وحروب كبرى مثل أوكرانيا. ونزاعات مجمدة كما هو الحال في سوريا وملايين من النازحين واللاجئين. أو حروب ساخنة في قطاع غزة. و”حرب الجنرالين” في السودان.
2024 هي سنة الانتخابات، حيث سيقترع 40 في المئة من سكان الأرض المسيطرين على 40 في المئة من الناتج المحلي الكوني. نتائج بعض تلك الانتخابات محسومة، كما هو الحال مع الرئيس فلاديمير بوتين الذي يبدأ ولاية خامسة في مارس/آذار المقبل ليبقى في الكرملين أكثر من ربع قرن.
قد يكون صحيحا ما أطلق على الانتخابات الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، على أنها “انتخابات العالم”؛ حيث ستجرى على الأرجح بين رجلين عجوزين ورئيسين: حالي وسابق. كما ستأتي وسط انقسام غير مسبوق في البلاد.
صحيح أن باكستان وبنغلاديش على موعد مع الاقتراع على مرمى حجر من “طالبان” الأفغانية، و”الحزب الشيوعي” الصيني المتجدد بقرار الرئيس شي جين بينغ في 2023، لكن الأنظار تتجه في الربيع إلى الهند أكبر دولة ديمقراطية في العالم، حيث يطمح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في ولاية ثالثة. لا بد أن خسارته ستترك تداعيات استراتيجية، ما قد يضر بمحاولات واشنطن جذب الهند بوصفها ثقلا موازيا لبكين، حيث السؤال: ماذا لو فاز الحزب المؤيد للاستقلال في تايوان مرة أخرى؟ كيف سيتصرف شي جين بينغ مع قرب احتمال خروج الرئيس جو بايدن وعودة دونالد ترمب؟
قد يكون صحيحا ما أطلق على الانتخابات الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، على أنها “انتخابات العالم”؛ حيث ستجرى على الأرجح بين رجلين عجوزين ورئيسين: حالي وسابق. كما ستأتي وسط انقسام غير مسبوق في البلاد، وفي خضم انتظار ولهفة خصمين تاريخيين، الصين وروسيا، لنتائجها الحاسمة إلى حد بعيد لمستقبل العلاقات الثنائية والنظام الدولي والنموذج الديمقراطي.
لن يكون الرئيس الصيني سعيدا بعودة ترمب، على عكس بوتين الذي يراهن على عودته لتغيير المعادلات العسكرية في أوكرانيا. لذلك، ليس مفاجئا أن يكون الرئيس فولوديمير زيلنسكي، الذي قد يخوض هو نفسه انتخابات رئاسية في مارس/آذار المقبل بعد انتهاء سنوات ولايته الخمس، من بين أكثر المتلهفين لـنتائج “المكاسرة” بين بايدن وترمب.
أيضا، هناك انتخابات في أريع دول أوروبية “صغيرة” (النمسا وبلجيكا وكرواتيا وفنلندا) وهي مهمة بدرجات مختلفة لقياس مدى شعبية “الشعبوية” والأحزاب المتطرفة والخوف من المهاجرين واستمرار التمسك بالقيم الديمقراطية على عكس رهانات شي وبوتين، في الترويج لنماذج سلطوية، بعد اختبارات المجر وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا. ومع أن المملكة المتحدة، شهدت عدة رؤساء حكومة وغابت ملكتها بعد عقود مستقرة، فإن الانتخابات ستجرى على الأرجح في 2024، وهي اختبار جديد لفعالية الديمقراطية.
لعل أوضح تداخل بين البندقية والصندوق في تل أبيب وكييف. وأمام تراجع الدعم الغربي وزيادة التفاؤل الروسي، تتجه معركة أوكرانيا إلى الجمود لتنضم هذه البلاد المشتعلة إلى قائمة الأزمات المجمدة باتفاق غربي- روسي أو بحكم الأمر الواقع.