ندوة عن “الحوكمة” في جامعة الروح القدس

في إطار سلسلة من الندوات حول موضوع اللامركزية الإدارية، نظمت جامعة ‏الروح القدس- الكسليك الندوة الشبكية الثالثة بعنوان “الحوكمة” عبر تطبيق ‏Microsoft Teams، وقد شارك فيها النائب المستقيل ميشال معوض، وزير ‏الداخلية والبلديات السابق زياد بارود والنائب ألان عون. وأدار النقاش الصحافي ‏داني حداد معطياً الكلام للمشاركين.‏

بارود

بداية، قدم الوزير السابق زياد بارود لمحة عامة عن الحوكمة معرفًا إياها بأنها ‏‏”مفهوم قائم منذ سنوات، ولكنه دخل مؤخرًا إلى الحياة السياسية والعامة ليحدد كيف ‏يجب أن تكون الأمور من حيث المعايير الفضلى لممارسة أي أداء عام، وليسمح ‏بهوامش كافية للمراقبة تمهيدًا للمحاسبة. وفي لبنان باتت الحوكمة مطلبًا إصلاحيًا ‏وليست مجرّد آلية لإدارة أمر ما. بل هي إصلاح لبنى مجتمعية وسياسية”.‏

واعتبر بارود “أن الحوكمة واللامركزية تتشابهان وتتداخلان، لأن اللامركزية هي ‏شكل من أشكال الحكم الرشيد والمشاركة المحلية من أجل ديمقراطية أفضل في ما ‏بات يُعرف بديمقراطية القربى (‏Démocratie de proximité‏)”.‏

وعما إذا كنا اليوم أمام أزمة نظام واللامركزية هي الحل، رأى بارود “أن أزمة ‏النظام ليست وليدة اليوم، بل تكوّنت منذ نشأة الكيان، لكن أفضل حماية لوحدة البلد ‏تكمن في حسن إدارة التنوع فيه، واللامركزية تشكل إحدى أدوات إدارة التنوّع. ‏مشكلتنا ليست في تنوّعنا الطائفي والسياسي والثقافي، بل في آليات إدارته. نحن لا ‏نذهب إلى جماعات منغلقة على بعضها، بل إن اللامركزية ستساهم بشكل كبير في ‏إنعاش البلد وجعله يتنفّس في المناطق”.‏

أضاف: “إن البلديات، التي هي اليوم الشكل الوحيد للامركزية الإدارية مع اتحادات ‏البلديات، تساهم في شكل كبير في حل الأزمات الطارئة كأزمة كورونا مثلًا”، ‏مشددًا على أهمية هذا العامل اللامركزي المحلي الذي هو سلطة منتخبة لها ‏استقلاليتها المالية والإدارية وتتمتع بصلاحيات واسعة.‏

وركّز بارود على “أنه إذا لم تتوفر، إلى جانب الصلاحيات الواسعة، الإمكانيات ‏المالية، لا نكون أمام لامركزية ومن الأفضل أن ننساها، فالمال هو عصب ‏اللامركزية”.‏

وعن الفرق بين اللامركزية والفدرالية، اعتبر بارود “أنهما مختلفتان بطبيعة كل ‏منهما وإنما لا يجوز أن نضعهما مقابل بعضهما، بل هما معًا في وجه سلطة ‏مركزية مهترئة. فالخيار بين اللامركزية أو الفدرالية يقرره اللبنانيون بأنفسهم، ‏والمفاضلة بين النظامين لا يجوز أن تنطوي على تخوين لمن يطالب بالفدرالية”.‏

وردًا على سؤال حول الفساد، رأى بارود “أن البشر لديهم للأسف ميل إلى ‏الفوضى، وبالتالي يجب وضع نظام واضح المعالم لانتظام الأمور”، مشددًا على ‏أهمية الرقابة في هذا الإطار، ومعتبرًا “أنه لا يجوز التعميم في الفساد بالبلديات، ‏حيث إن هناك بلديات ناجحة في حسن إدارتها للمال العام وأخرى فاسدة جرت ‏محاسبتها شعبيًا وأيضًا قضائيًا”…‏

ورأى بارود أنه لا يوجد ترابط بين قانون الانتخابات النيابية وقانون اللامركزية، ‏مذكّرا بأن النظام المقترح لانتخاب الوحدات اللامركزية هو نظام مختلط وهو ‏مفصّل في مشروع القانون الذي يناقشه مجلس النواب.‏

عون

واعتبر النائب ألان عون “أن اللامركزية هي تحرير الإنماء من سلسلة التبعية في ‏نظامنا الحالي، حيث الاستعطاء السياسي هو القاعدة للوصول إلى الخدمة العامة. ‏فهي مدخل إلى إنماء أكثر توازناً، حيث تعطى الإمكانيات والصلاحيات إلى ‏المناطق لتحدّد بنفسها أولوياتها ومشاريعها وتقوم بتنفيذها، بدل أن تبقى خاضعة، ‏كما هي الحال اليوم، إلى سلطة مركزية تتميّز بأداء زبائني وفئوي”.‏

وأشار إلى “أن اللامركزية تعزّز المحاسبة حيث يخضع القيّمين على مجالس ‏الأقضية إلى مراقبة مباشرة من ناخبيهم على أدائهم وإنتاجيتهم، بينما لا إمكانية ‏تأثير فعلية للناخبين اليوم على مجالس وهيئات مركزية تناط بها مسؤولية الإنماء”.‏

وأكد “أن اللامركزية تعزّز الوحدة الوطنية ولا تنتقص منها كما يعتقد خطأً البعض، ‏فأحد أهمّ أسباب التباعد الوطني هو الشعور بالغبن الذي يسري عند فئات من ‏المجتمع اللبناني أو عند مناطق لبنانية، تجاه ممارسات السلطة المركزية تجاهها ‏والتي تأخذ البعد الطائفي الانقسامي وفقاً لانتماء المسؤول المختص”.‏

معوض

من جهته، أكد النائب المستقيل ميشال معوض “أن اللامركزية الإدارية وتعزيز دور ‏البلديات والسلطات المحلية السبيل الوحيد لوضع حد للفشل والفساد في الدولة ‏المركزية، وبالتالي تحقيق الإنماء، اذ إن اللامركزية هي المدخل الاساسي للإنماء ‏والشفافية والمحاسبة، وهي الطريق الوحيد لعيش المواطن بكرامة في أرضه متمتعًا ‏بحقوقه كاملة، ما يمكّنه من التطوّر والنجاح في الداخل على غرار النجاحات التي ‏يحققها في الخارج”، مشددًا “على أهمية تأمين دولة مدنية حديثة تُعزّز فيها ‏المواطنة والحداثة، مع الحفاظ على التنوّع والتعددية في المجتمع وحسن إدارتهما ‏بالاعتماد على منطق مؤسساتي، وليس على منطق عشائري طائفي على حساب ‏المؤسسات والمواطنة والدولة القوية”.‏

وأوضح أن اللامركزية الإدارية هي مطلب كل اللبنانيين وتصب في مصلحتهم ‏جميعًا لناحية الإنماء، وقال: “قمنا كـمؤسسة رينيه معوض بتنفيذ مشاريع في أكثر ‏من 300 بلدية في لبنان، أي حوالى ثلث البلديات، وأدت هذه المشاريع التي ‏صُرفت فيها أموال بسيطة إلى تغيير حقيقي في البيئة التي نعمل فيها، أما في الدولة ‏المركزية فقد أهدرت الأموال الطائلة في مشاريع لم نلحظ فيها نتيجة”، مشيرًا إلى ‏‏”أن اللامركزية تتيح للمواطن أن يمارس دوره الرقابي بطريقة مباشرة كما تسمح ‏له بالمحاسبة والمساءلة”.‏

ورأى معوض “أن وجود السلطة والمعارضة مجتمعة في مجالس البلديات ‏والأقضية والمحافظات هو ضمانة أكبر لشفافية أكثر”، مشددًا على وجوب اعتماد ‏اللامركزية الإدارية وفق معايير واضحة وقوانين بشأن كيفية توزيع الأموال على ‏المناطق وبالتالي تسمح بتأمين حقوق المناطق بالقانون”.‏

وأضاف: “من منطلق إعادة النظر بكل حوكمة البلد بالتوازن مع المواطنة والحداثة ‏وبين إدارة التعددية بطريقة فعالة يجب النظر بالموضوع بمدنية الدولة لإلغاء ‏الطائفية السياسية”، مؤكدًا على “ضرورة اعتماد النسبية في مجالس الأقضية ‏والمحافظات في المناطق وضمان استقلالية حقيقة للبلديات”.‏

وأكد: “تبيّن أمام اللبنانيين أن الصراع الطائفي في السلطة المركزية قد عطّل ‏حياتهم، وبالتالي فإن إعطاء كل عضو في مجلس إدارة مركزي حق الفيتو من دون ‏القدرة على اتخاذ القرار هو السبب الأساسي الذي أوصل البلد إلى ما هو عليه ‏اليوم، بالإضافة طبعًا إلى أسباب أخرى منها سيادة الدولة وغيرها”.‏

وعن سبل معالجة الانهيار الحاصل في لبنان، أكد معوض “أن المشكلة ليست فقط ‏مشكلة الفساد عند بعض الأشخاص الذين يجب محاكمتهم، بل هناك مشكلة في ‏البنية”، لافتًا الى أن القضاء المستقل هو جزء من الحوكمة”.‏

هذا وتستكمل الجامعة سلسلة الندوات هذه بشكل أسبوعي

عن mcg

شاهد أيضاً

بمواصفات فائقة.. أبل بصدد إنتاج جليها الرابع من “iPhone SE 4”

almontasher =كشفت شركة “أبل” أنها بصدد إنتاج الجيل الرابع من هواتفها الذكية “iPhone SE 4″، مع بعض …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *