فرنسيس – بايدن ..ولبنان “مرور الكرام”

داوو رمال- 180post.com

إحتضن الفاتيكان قمة بين البابا فرنسيس والرئيس الاميركي جو بايدن، وذلك على هامش قمة العشرين التي عقدت في روما يومي 30 و31 تشرين/أكتوبر المنصرم. ما يلفت إنتباه المتابعين أن لبنان في هذا اللقاء.. ولقاءات عديدة، “لم يكن حاضراً إلا بشكل عابر”. لماذا؟.

لا يترك الكرسي الرسولي مناسبة إلا ويعبر فيها عن عاطفته الصادقة والخاصة إزاء لبنان، لكن هذه العاطفة كان متعذراً ترجمتها بسبب إصرار اللبنانيين على عدم مساعدة أنفسهم.. والدليل كيفية تعاملهم مع جميع قضاياهم، ولا سيما الضاغطة على حياتهم والتي تهدد بتغيير جذري لمجتمعهم في المستقبل.

لذلك، ثمة تشديد من الكرسي الرسولي “على الا يدفع لبنان ثمن التسوية المقبلة في الشرق الاوسط”. أكثر من ذلك، ليس الفاتيكان “بوارد التدخل في الشؤون الداخلية لاي دولة من دول العالم وتحديداً لبنان”. كما أن الكرسي الرسولي “لا يميّز بين العرب وغير العرب”.. ولا ينظر الى المسيحيين على انهم مسيحيون مشرقيون من ضمن الاقليات، “بل هم مسيحيو الشرق وهذا المصطلح يختلف عن المسيحية المشرقية، فالكرسي الرسولي ينظر الى الحضور المسيحي والاسلامي على امتداد كل الشرق، وهو يعتبر ان الديانتين المسيحية والاسلامية استطاعتا بناء حضارة تاريخية في هذه المنطقة ومن ضمنها لبنان”.

عندما زار البابا فرنسيس مصر (2017) والامارات العربية المتحدة (2019)، أراد تأكيد أهمية الحوار الإسلامي المسيحي. حوارٌ تُوّج بزيارة العراق وتحديدا النجف الاشرف واللقاء التاريخي الأول من نوعه مع المرجع الاعلى السيد علي السيستاني، على ان يتوّج الحوار بشق إيراني (اللقاء مع السيد علي الخامنئي)، وهو سيتكرّس برفع العقوبات عن ايران بالطريقة التي يعمل عليها الكرسي الرسولي منذ بدء حبرية البابا فرنسيس.

وتربط البابا فرنسيس والرئيس الاميركي جو بايدن علاقة صداقة ومودة قديمة ليس فقط لان بايدن كاثوليكي (جون إف كينيدي أول رئيس أميركي كاثوليكي)، انما لها بعدها العاطفي يوم فقد بايدن نجله بو (46 عاماً)، ووقف البابا فرنسيس إلى جانبه متضامناً ومسانداً، وهذا الامر قدّره بايدن عالياً. وقتذاك (2015)، كان بايدن نائباً للرئيس الأميركي باراك أوباما، وأُسندت إليه مهمة التحضير لزيارة البابا فرنسيس الولايات المتحدة وتحديداً زيارته الكونغرس الاميركي التاريخية كأول بابا يزوره ويلقي كلمة فيه.

“الفاتيكان يعتبر أن الحل لا يكون بتقسيم سوريا او اضعافها، انما الابقاء على وحدة سوريا ارضاً وشعباً، وابراز دور مكوناتها، وعلى قاعدة حل سياسي لا يكون فيه طائف جديد مثل الطائف اللبناني لان الاخير “خلق مشاكل ولم يأتِ بحلول”

وفي اول زيارة لبايدن الرئيس الكرسي الرسولي، قدم الى البابا فرنسيس خاتم نجله الراحل، وقال بايدن الأب إن هذه الهدية “صارت في يد من يقدّرها ويحفظها ويصلي لها”.

دامت القمة بين فرنسيس وبايدن حوالي الساعة، وتناول الحديث مواضيع كثيرة تهم الجانبين يُلخصها أحد المتابعين كالآتي:

* البيئة والخليقة بشكل عام (وكيفية إحتواء الأوبئة).

*اطفاء بؤر التفجّر والتفجير على مستوى العالم التي خلّفها وراءه الرئيس السابق دونالد ترامب.

*الخطوات التي من المقرر ان يقدم عليها الرئيس الاميركي لوضع خارطة طريق قابلة للتطبيق في الشرق الاوسط على مراحل عملية وليس نظرية.

في اللقاء كان تأكيد اعادة احياء التفاوض الفلسطيني الاسرائيلي على قاعدة حل الدولتين (إستقبل البابا فرنسيس بعد ذلك مباشرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس)، والتأكيد على الموقف الفاتيكاني الراسخ منذ الستينيات الماضية، ايام حبرية البابا بولس السادس، بأن تكون القدس عاصمة مفتوحة لكل الديانات وتحديدا للديانات الابراهيمية الثلاث: اليهودية والمسيحية والاسلام، مع تكريس طابع دولي لمدينة القدس.

تطرق بايدن وفرنسيس الى الملف السوري، من خلال التأكيد البابوي على أهمية الحل السلمي وان هذا الحل لا يكون بتقسيم سوريا او اضعافها، انما الابقاء على وحدة سوريا ارضاً وشعباً، وابراز دور مكوناتها، وعلى قاعدة حل سياسي لا يكون فيه طائف جديد مثل الطائف اللبناني لان الاخير “خلق مشاكل ولم يأتِ بحلول”.

وإحتلت المفاوضات النووية حيّزاً من اللقاء، وكان تأكيد بابوي على ضرورة العودة الى طاولة التفاوض، “فالقوة الايرانية لا يمكن تدميرها بحرب ولن يحصل ذلك. والحروب لا تأتي بحلول وهذا موقف الكرسي الرسولي الثابت منذ الحرب العالمية الثانية”، وفي هذا الاطار، اخذ البابا فرنسيس على عاتقه ان “يحاول الكرسي الرسولي تقريب وجهات النظر بين دول الخليج وبين ايران للتخفيف من التوتر وصولا الى ازالة الخلاف القائم الذي يتخذ طابعاً مذهبياً داخل الاسلام”.

ويستند البابا يستند بذلك إلى الآتي:

*أولاً؛ الدور الذي يمكن ان تلعبه مصر في هذا الاطار وخصوصا الازهر الشريف وشيخ الازهر الدكتور احمد الطيب الذي وقع معه “وثيقة الاخوة”.

*ثانياً؛ العلاقة التي بناها البابا مع العراق وتحديدا مع المرجع الشيعي الاعلى السيد علي السيستاني.

وضعت القمة الفاتيكانية ـ الاميركية خارطة طريق عالمية واقليمية، عالمية من خلال الموقف من تحدي المناخ وتخفيف التشنج مع الصين من دون الدخول في حرب اقتصادية باردة. اما اقليمياً، فمن خلال العودة الى طاولة مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين والسعي لإزالة التوتر العربي ـ الايراني.

اما لبنان، فقد مرّ الجانبان عليه “مرور الكرام”، فالنقطة الوحيدة التي طرحها البابا هي الا يدفع لبنان ثمن التسويات في الاقليم، لأن الكرسي الرسولي وصل الى حائط مسدود في لبنان، دينياً وسياسياً، وما يهم البابا هو تثبيت المسيحيين في الشرق ووقف حالة الهجرة التي إستفحلت في العقد الأخير..

عن mcg

شاهد أيضاً

رصيف صحافة اليوم السبت 27 تموز 2024

رصيف صحافة اليوم السبت 28 تموز 2024   / في الجمهورية : هوكشتاين: هدوء الجنوب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *