حيّان سليم حيدر رواسب القانون والدستور والمرشّح                                                             

    من سلسلة “الشعب يريد تغيير هذا القانون” – 2

تمهيد: في الوقت المستقطع، أو بعبارة أصحً، في وقت لبنان الضائع (أبدًا)، لا بدّ من الإفراج عن خواطر من قبيل “الأخذ بالخاطر”.

(كانت هذه الملاحظات لتصدر قبيل الإنتخابات، وتحديدًا في فترة الترشيح ما قبل تشكيل اللوائح الإنتخابية.  لكني إرتأيت تأجيلها إلى ما بعد رسوب الصخب الإنتخابي، مع مَن رسب، لتتوضّح الفائدة المبتغاة منها، ومساهمة في بلورة رأي عام حول تعديل قانون الإنتخاب ومعه سلوك المرشحين إعدادًا للآتي من الجولات، إذا أتت.  ثمّ داهمني “الصمت الإنتخابي”).

وتسلني عن المخالفات في هذا القانون؟  ومنها:

أنّه لا يسمح لأيّ لبناني كامل المواطنة، وفقًا للدستور، من الترشّح من دون أن يكون جزءًا من لائحة إنتخابية، مخالفًا مبدأ المساواة.  (واللوائح قد تتضمّن: السارق والحارق والمارق، جنبًا إلى جنب مع المحتال والمُخْتال والمُختَلّ، والمدعوم والمرتكِب، والراشي والواشي وكلُّهُ ماشي…)

والمرشحون الجُدُد كانوا أمام خيار من إثنين أساسيّين، الأول: عدم المشاركة ” في لوائح ذوي الإحتياجات الأخلاقية الناقصة “، وقد يكونوا، أيْ “أهل الذوي”، الوحيدين في ساحة المتمكّنين من تأمين شروط تنظيم قوائم إنتخابية كاملة حواصل القبول الرسمي.  هذا الخيار قد يؤدّي إلى الإحجام عن الترشّح كلّيًّا أو، الخيار الثاني: التخلّي عن أدنى الأخلاقيات، “الحميدة”، ومشاركة المرتكبين أو أشباههم، “متذرّعين”، وهي إدانة فورية للمرشّح، بإستحالة ممارسة العمل السياسي من باب آخر، وهذا غير صحيح، والأمر يُفْدي إلى تحوّلهم، لا محال، وفورًا، عقب قرارهم هذا، إلى مشاركين في “محور الشرّ”، لا بل إلى مساهمين في تحصيل “منافعه” (للشرّير)، فإلى مُسَهّلين لتعميم ثقافة فساد كلّ مبدأ…

نعم.

” لاقُوْلي حلّ ” إذن.  أريدُ حلًّا، بكلّ بساطة !

وتَكُرُّ سبحة الأسئلة في وجه ذاك الذي تجرّأ على سلوك الطريق الثاني الوعر لتَرجُمُه بفقرة الأسئلة الآتية:

هل تعرفه (أو تعرفهم)؟  هل إطّلعت على سيرته الذاتية؟  العائلة، الخلفية، المرجعية السياسية أو الحزب، المهنة، الإختصاص، الممارسة الفعلية، السجلّ العملي والرسمي والعدلي (رقم 2)، السمعة؟  هل لديه برنامج سياسي، عملي، غيرها؟  هل تناقشتما أو سُمِحَ لك حتى بمناقشة البرنامج، النهج، التوجّه، الهوية، الوظيفة، الدور، المواقف؟  هل توافقتم على التوجّه: الخارجي، الداخلي، الوطني، القومي، الطائفي، المناطقي، التعدّدي؟  ماذا عن الشؤون الإقتصادية، المالية، النقدية، الإجتماعية؟  الخدماتية؟ هموم الناس المعيشية وشجونهم؟  ماذا عن التحالفات قبل وخاصّة بعد النجاح، إن حصل؟  هل من شيء من كلّ ذلك؟  لا؟…  لم يحصل؟  وعلى ماذا إتفقتم إذن؟  مَنْ وما أنتم ضدّه (وهو الأسهل)؟  التمويل؟  الصوت التفضيلي؟  الصراع الأميركي الروسي؟  معضلة المناخ؟  خطر نهوض الصين؟  وهل هناك (بيت القصيد) من بصيص نور، أي هل من “كهرباء”، ذاك الإختراع المستحيل، في كلّ ذلك ممّا سبق، الكهرباء تلك السلعة/الخدمة/الضرورة/حياة الناس الأولى والأخيرة، والأهمّ؟  هل أنت أكيد أنّك تريد إكمال مشوارك الذي لم تبدأه بعد مع هكذا أناس؟  هكذا سمعة؟  نعم؟  أو أنّه لا ترى لك بديلًا من حياة في السياسة بعد ذلك؟

الأمر ليس، كما يبدو لك ممّا سبق، بإمتحان تعجيزي، لكون نتيجته قد تحكم مصير البلاد والعباد، لذلك إعتبرها مادة للنجاح في الإمتحان.  أيّها التغييري-السيادي-المستقل الإدّعاء، إذا أمكنك الإجابة بنعم على فقرة الأسئلة أعلاه، وإذا لم تكن معنيّا بأولائك الذين تتكلم عنهم الدول والأموال الخارجية، النرجسيين الذين سيأكلون بعضهم، فأقدِم على الترشّح فالنجاح ونحن معك لا بل إلى جانبك.

وفي أيّ حال غير ذلك، تريد منّا، نحن “الشعب” (العظيم) أن ننتخبك مع زملائك، من فاقدي الأهلية الذين ترشّحت أنت تحت شعار أنّك لا تشبههم؟  بالله عليك !  وبعد كلّ هذا ستعتبر أنّ هذا كلّه يحصل بسبب وعي الشعب العظيم؟

هذه، وباقتضاب، كلّها أسباب، ليس فقط موجبة، بل إلغائية، مُبْرَمة، تجعل من “الشعب”       “لا تبعة عليه”، وفقًا للنصّ الدستوري الفريد العجيب، إذا حسم الشعب أمره ولم ينتخبك ودائمًا حسب “الواجب الوطني”، وليس أنّ “الشعب” له خيار أفضل… لا !

إذهب، إذن يا أخي في المواطنة، “وجلدك يرعاك” … من الجَلْد !

وفي النهاية، لا ضير في التذكير أنّ هذه أسباب كافية لجعل قانون الإنتخاب لا دستوري، يا أهل الدستور، وهذا هو سبب ورود هذه المتسائلة.

ونحن، المواطنون الصالحون فعلًا، الذين لا يريدون الإستسلام، نحن نريد حلًّا يا أهل الدستور، ليس من إنتاج غير المؤهّلين لوضع دستور فكيف من فاقدي كفاءة العمل بِحرْفية نصوصه والسهر على حسن تطبيقه وحمايته وتطويره وتحديثه دوريًّا بما يخدم صالح الناس؟

هل ما زال هذا الكلام مفيد؟

في الختام: هذا جزء من خريطة طريق تذهب بك، أيها المواطن المرشّح، إلى حيث تنتمي: الصلاح للصالح، والأسوأ للسيّء، والتيه للتائه، والضياع للسائل، والأنفع… إلى العمل المنتج للجاد.

بيروت، في 23 تمّوز 2022م.                                                    حيّان سليم حيدر

                                                                           عامل في سبيل دستور صالح

________________________________________

 

() إنّ الكلمات الواردة بين “هلالين” قد لا تعني بالضرورة ما تعنيه.

(#) “إذا كنت أستعمل صيغة الجمع المذكّر، فالحقّ على اللغة العربية، أو الفضل لها، لأنّها توحّد في صيغة الجمع بين الجنسين.”. 

عن mcg

شاهد أيضاً

رصيف صحافة اليوم السبت 20 نيسان 2024

  / في “النهار”: “لا هدنة ووقف نار في غزة… ومع لبنان… فرنسا لميقاتي: دعم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *