كلمة زياد حايك الكاملة في مؤتمر إطلاق ترشحه للانتخابات الرئاسية 2022

النص الحرفي لكلمة الاستاذ حايك في مؤتمره الصحفي الذي عقده اليوم :

صباح الخير لكم جميعًا، وشكراً جزيلاً على حضوركم اليوم.

يُشرّفني أن أتقدَّمَ أمامَكم بترشُّحي لرئاسةِ الجمهوريةِ اللبنانية.

إنَّ دربَ الرئاسةِ في لبنان أصعبُ ممّا هو عليهِ في بلدانٍ أخرى.

كلّكم تعلمونَ أنه ليس هناك من مسارٍ قانونيٍّ معيّن لهكذا ترشُّح. فقد جرتِ العادةُ أن يتشاوَرَ صانِعو القرار فيما بينِهِم، ويتداولونَ بالأسماءِ التي يرتاحونَ إليها، إلى ان تتكوَّنَ أكثريةٌ ما لدعمِ شخصٍ معيّن.

فلم أتعجب عندما نصحني الكثيرون بعدم إعلان ترشحي لأن ذلك قد يضرّ بإمكانية انتخابي طالما ان الطبخة الرئاسية لم تنضج بعد. الا انني قرّرتُ عدَمَ الالتزام بقواعد اللُعبة لثقتي بأنه يجب أن نَكُسرَ التقليد الذي يُنتخبُ من خلالِه شخصٌ لم يتقدم من الشعب اللبناني برؤيةٍ واضحةٍ شفافةٍ وعلنية، بل ساوم في غرفٍ مغلقة، وأجرى تسوياتٍ من هنا وهناك، واعدًا كُلَّ طرفٍ بما يريد.

وقد قال لي البعضُ الآخر ان ترشحي العلني قد يتسبب لي بخجلٍ حيال الناسِ في حالِ لم أُنتخب. إلّا إنني أرى ان الترشّحَ في هكذا وضع هو قمّةُ الشجاعةِ، فَليَعرُض عن انتخابي من كان يريدُ رئيسًا لا ثقة له بنفسه، أو رئيسًا يهتمُّ بكيف ينظرُ البعضُ اليه بدَلَ ان يهتمَّ بما يمكنُه ان يقدِّمَ لمصلحةِ بلده.

هذا وقد راعني ما سمعته من بعضِ النوابِ الذين يقولون إنهم، ونظرًا للحالة التي يتخبط فيها لبنان، يبحثون عن شخصٍ مستقلٍ جامعٍ له خِبرة عالية في الاقتصاد وشؤون المال، ثم تراهم يميلون الى ترشيحِ ودعمِ سياسيينَ غيرِ مستقلين، لا قدرة لهم على لمّ شمل الأطراف المتخاصمة، وحتى لا جمل لهم في الاقتصاد ولا ناقة.

وأخيراً قال البعض “زياد، نعلم أن لك خبرة في الاقتصاد، ولكن هل لديك خبرة في السياسة؟” – بالله عليهم، كيف يمكن لأي موظف من الفئة الأولى أن يعمل في السراي الحكومي لمدة ١٣ سنة من دون ان يكن له خبرة في السياسة؟

لماذا أترشّح للرئاسة؟

بعد مرور قرابة الثلاث سنوات على بدء الأزْمة المالية وسنتين على جريمة مرفأ بيروت، لم تأخذ الحكومات اللبنانية المتعاقبة أي قرار بشأن أيٍّ منهما، باستثناء القرار المشؤوم بالتخلف عن دفع الدين المستحق بموعده فكان أن زاد الإفلاسُ فوضى الانهيار. كما إن تشنُّج الخطاب السياسي وصل الى أقصى حدودِهِ، فما من جهةٍ في البلاد ترتاحُ الى أخرى. رأيتُ والحالُ هذِهِ ان لا بُدَّ من قيادةٍ جديدةٍ تَعمَلُ على إعادةِ لمِّ الشملِ بينَ أواصرِ الشعبِ اللبناني. وأن لا بُدَّ أيضاً من قيادةٍ مسؤولةٍ، واعية، وذاتَ خِبرةٍ بالشؤونِ المالية والاقتصادية والاجتماعية، تأتي إلى الحُكمِ وتنتَشِلُ البلاد من كبوتها وتعيدُ ثِقةَ اللبنانيينَ والعالمَ بهذا الوطن. فقررتُ خوضَ غمارِ الانتخاباتِ الرئاسية والاتكالِ على الله وعلى ضميرِ النوابِ وشجاعتهم، آملاً أن يساعدني ما اكتسبتُه من الخِبرةِ والحكمةِ على تحسينِ أوضاعَ أهلي وأبناءَ بلادي.

أمضيت ثلاثين سنة في المهجر. في المكسيك أولاً ثم في الولايات المتحدة وأوروبا. شغلت مناصب عدة في أهمِّ مصارفٍ في العالم، في نيويورك ولندن، وكنت من بينِ الذين اخترعوا أدواتً ماليةً جديدة ما زال العالَمُ يستخدُمها اليوم. كما أني كنت مستشارًا لحكومة المكسيك فساعدتها على الخروج من أزْمتها المالية في منتصف التسعينات وعمِلتُ على معالجةِ أزمات المديونية في فنزويلا وهندوراس وترينيداد. عمِلت أيضا على أكبرِ عملياتِ طرحِ أسهُمٍ لشركات التكنولوجيا على بورصة نيويورك وعلى أكبر عمليات استحواذ لرخص شركات الخليوي في أوروبا. ثلاثون سنة ونجاحٌ مهنيٌّ على أعلى المستويات لم تكن كافية لِتُنْسِني حُبَّ وطني، فعُدتُ اليه ما ان سنحت لي الفرصة سنة ٢٠٠٦ وتبوّأت منصبَ الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة لمدة ١٣ سنة. لم أرَ في الخصخصة مشروعًا يساعد اقتصاد لبنان. فقاومتُ الضغوطَ للسيرِ بها وسوّقتُ بدلاً عنها للشراكة بين القطاعين العام والخاص، لثقتي بأن ما يحتاجه لبنان هو بنى تحتية جديدة وخلق فرص عمل بالآلاف في كل المجالات.

ولما رأيت ان السياسات المتبعة من الحكومات المتعاقبة لم تكن في الاتجاه الصحيح كان لي الجرأة بأن أتجاوز أي تخوف من إقالتي من منصبي في السراي الحكومي – دع جنباً إغراءات التوزير التي كانت دائما مطروحة – أن أتجاوز كل هذا إذًا، وأؤسس مجموعة معارضة اسمها معاً للوطن نزلت الى الشارع وتظاهرت في وجه سياسات النفايات والكهرباء وغيرها من مساوئ التوجهات السياسية السائدة. فلمن يَظُنُّ أن ترشُّحي اليوم هو من بابِ الوصوليةِ ليس عليه الا ان يطَّلِعَ على ماضيَّ النضالي ليَرَ أن المناصبَ ليست همّي، بل همّي وطني.

أعلنُ ترشيحي اليوم لأنني رأيت في نفسي المواصفات التي أرى أنا شخصياً انه يجب أن يتحلّى بها الرئيس العتيد. في تقديري، رئيس الجمهورية يجب أن يكون من صنع لبنان وليس من صنع أي مبادرة خارج الحدود ليرعى مصلحة لبنان أولاً وآخِراً. كما ويجب، برأيي، أن يتحلّى بمواصفات كثيرة، من بينها أن يكون شخصًا ذو رؤيا واتجاه يأتي لا ليدير الأزمة، بل ليحلّها. أن يكون قادراً على جمع مكونات الشعب اللبناني كافة، وعلى التواصل معها كلها لما فيه خير لبنان. أن يتمتع بسمعة جيدة وبمصداقية ونزاهة مشهودٌ لهما وقادرٌ على الحصول على ثقة اللبنانيين. أن يكن مستعدًا لمدّ يدِ الشراكة بصدق الى رئيس عتيد للحكومة. أن يكن لديه خبرة في القطاع العام وفي القطاع الخاص. أن يكن لهُ نضالٌ تغييريٌ مشهودٌ لهُ بهِ. أن يكن له بُعدٌ عربيٌ ودوليٌ واغترابي. وأن تكن لديه خِبرةٌ في مجالات المال والاقتصاد، نظراً ليس فقط للأزمة التي نعيشها، بل أيضاً لمواجهة ارتدادات التضخم وارتفاع الفوائد وحالة عدم الاستقرار الجيوسياسي في العالم على لبنان.

يسألوني عن قناعاتي وخاصة عن ماذا اريد ان احقق. أقول: الازدهار والأمان وكرامة الانسان. هذه ليست كلمات فارغة صففتها في سبيل السجع. هذه اهدافُ كلّ إنسان. لذلك يجب ان تكونَ اهدافَ من يريدُ أن يتبوّأ سدّة الرئاسة. وأنا أنوي ان اعملَ جادًا كل يوم في سبيلِ تحقيقها لأهلي في لبنان.

طريقي الى ذلك تعتمدُ البراغماتيةَ المتمثلة بثلاث مقولات. الأولى هي “بدنا ناكل عنب ما بدنا نقتل الناطور”. أي انني أركّز على الوصول الى ما نريد من دون تكبير الأمور والتلهّي بالمناوشات التي لا طائل منها. المقولة الثانية هي إن “السياسة فن الممكن”. أي أنني أبتعد عن المواقف المتصلّبة والايديولوجيات المتحجرة، وأفضّل الحصول على مكتسباتٍ ولو صغيرة تأخذ في الاتجاه المناسب وتتيح إمكانية مواصلة التقدم بدَلَ انتظارِ انتصاراتٍ كبيرةٍ قد لا تحصل فيما الزمانُ يمضي. أما المقولة الثالثة فهي العبارة الإنكليزية win-win، أي أن يكون الرِبحُ لي وللآخر في آن معاً، لأن أيَ ربحٍ من طرفٍ واحد يتَطلَّبُ وقتًا أطولَ وإن حصل فلا يدوم لأن الطرفَ الخاسر سيحاول ان يعوّض خسارتَهٌ. هذه أمور قد تبدو بديهية، ولكن إذا عاينتم السياسة اللبنانية، فلا بد من أنكم ستجدونها ناقصة.

لا سلم ولا راحة في مجتمع فاقد الثقة بحاكميه. واسترداد الثقة المفقودة يتطلّب جهداَ كبيراً يفوق جهد إرسائها بادئ ذي بدء. والشفافية هي طريق الثقة، لذلك فإني سأسعى الى تطبيقها في كل الأمور.

توجهي الاقتصادي الاجتماعي هي الديمقراطية الإنسانية، وهي تعني أن يكون الاقتصاد حرًّا، ولكن مع ضوابط تحدّ من الاحتكار وتهدف الى توسيع مساحة الطبقة الوسطى في المجتمع وتوفير شبكة حماية اجتماعية في الطبابة والتعليم والتقاعد لكل مواطن.

وهنا لا بد من التذكير بأهمية إعطاء المرأة دورًا أكبر في مجتمعنا على كل المستويات لذلك فإني سوف أسعى لئلا يقلّ عدد الوزراء الإناث في الحكومات عن ثلث الأعضاء في أسوأ الأحوال وعن النصف إذا أمكن.

وقناعتي الأخيرة هنا هي اعتماد أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة كخارطة طريق للوصول الى الازدهار، فهي السبيل الأنسب الى سعادة الانسان لأنها، وبخلاف خطط الاستشاريين الاقتصاديين تنظر ليس فقط الى نموّ الناتج المحلي، بل أيضاً الى حياة الانسان ورفاهيته، ونظافة بيئته، واستدامة موارده، وسلامته.

والآن لنتكلم بعض الشيء عن توجهاتي للحلول ولما سأسعى اليه. تجدون التفاصيل في الكتيب الذي وزع عليكم. وسأكتفي هنا ببعض العناوين لا أكثر.

ان معالجة الازمة المالية برأيي يجب أن تكون أولوية الأولويات. الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على خطة للتعافي مستحسن، ولكنه ليس ضروري، كما بيّنا أنا وزميلي جيرار شارڤيه في الخطة التي اقترحناها سنة ٢٠٢٠ والتي تحتوي على خطوات عملية يمكن للحكومة ولمجلس النواب وحاكمية مصرف لبنان أن تتخذها دفعة واحدة فتنقذ لبنان من أزمته المالية خلال أشهر قليلة. يمكنكم الاطلاع على الخطة كاملة من خلال الرابط الالكتروني الموجود في النص الذي معكم. طبعا ان اعتماد هذه الخطة أو أي خطة هي من صلاحيات الحكومة، ولكن لا يمنع ان يكون الرئيس ملمّاً بالموضوع وقادراً على مناقشته وعلى اقتراح الحلول المناسبة.

أي خطة يتمّ اعتمادها يجب أن يكون لها بعد اجتماعي لإعادة تكوين الطبقة الوسطى التي هي قاطرة أي اقتصاد له أمل بالنجاح. ويكون ذلك عبر اتخاذ خطوات تتعلق بالحماية الاجتماعية وبالسياسة الضرائبية وبخلق فرص العمل.

كما تدعو خطتنا الى انشاء صندوق تعاضد اجتماعي لمساعدة الطبقة الفقيرة على تخطّي تردّدات السياسات الانكماشية في مرحلة محاربة انهيار سعر الصرف ومحاربة التضخم المتفلّت. وقد وضّحنا في خطتنا كيف يمكن تحقيق ذلك.

ولا بد أيضا من انشاء صندوق استثمار في شركات الاقتصاد المنتج. يكثر الكلام عن الاقتصاد المنتج في أدبيّاتنا السياسية، ولكن الشعارات السياسية والمقابلات التلفزيونية لن توصلنا اليه. هذا الهدف يبقى فرضياً ما لم تدفع نحوه خطوات عملية مثل الصندوق المقترح لتفعيله.

توجيه الدعم هو من الضرورات المستعجلة. يجب الكف عن دعم السلع والخدمات واستبداله بدعم الطبقة الفقيرة. فلماذا تدعم الدولة مثلا سعر البنزين لمن يقود سيارة حقها يفوق المئة ألف دولار؟ ألا يمكن لمن يريد ان يقود سيارة كهذه أن يدفع سعر البنزين الحقيقي؟ يجب أذن للدعم ان يكون عبر بطاقات دعم للطبقة الفقيرة ان كان في المحروقات أو الكهرباء أو الطحين أو غيرها.

لا عدالة في المجتمع حين يدفع البعض ضرائبهم كاملة (وهي حال الموظفين، خاصة في القطاع العام) بينما يصرّح البعض الآخر (وهي حال أصحاب المهن الحرة وأرباب العمل) عن جزء صغير من دخلهم ويدفعون مبالغ بسيطة الى الخزانة العامة. هذا وضع يعمّق هوّة القدرة الشرائية بين طبقات المجتمع، وينافي الاخلاق والقيم، ويخسّر الخزينة المليارات. فلا بد اذن من إعادة النظر بالسياسة الضرائبية وبتطبيقها.

أمور أخرى شتى لن أدخل في تفاصيلها لضيق الوقت، ولكنكم تجدونها في الكتيب، تتعلق بمعالجة الدين العام، والاستثمار في البنى التحتية وفي الموارد النفطية، وتشركة قطاعات الاتصالات والكهرباء، وإنشاء هيئات منظمة، واعتماد إنتاج الكهرباء الموزع جغرافياً على الطاقة الشمسية، وإقرار القوانين المتعلقة بتحسين بيئة الاعمال، وإنشاء مناطق اقتصادية خاصة في المحافظات.

كما انني اتطرق في برنامجي الى إقرار الاصلاحات الأساسية المطلوبة من صندوق النقد الدولي ومن الشعب اللبناني، وتحصين استقلالية القضاء، وانشاء مجلس شيوخ، وإقرار إصلاحات تحد من التعطيل الحكومي، وإقرار قانون عصري للامركزية، وإعادة هيكلة الإدارة العامة، واعتماد الحكومة الالكترونية، وإقرار إصلاحات لتفعيل بيئة الاعمال، وأخرى متعلقة بمصرف لبنان، وتفعيل ودعم دور الجيش، وتحسين أداء قوى الامن الداخلي.

 لقد أفقدت سنين الحرب والوصاية والرداءة لبنان الدور الذي لعبه في ستينات القرن الماضي كملتقى للحضارات وفسحة حوار وتلاقي بينها، فلا بد برأيي أن يستعيد لبنان هذا الدور الوسطي الجامع. نحن بحاجة لرئيس له خبرة في التواصل مع العالم ومع ثقافاته كما وخبرة في التفاوض ونظرة واسعة في الأمور الدولية.

منطقة الشرق الأوسط وشرقي المتوسط هي مدانا الحيوي والحضاري والاستراتيجي فلا بد أن نبنِ مع دولها كلها أفضل العلاقات، وخاصة مع الدول العربية ودول الخليج التي أصبحت اليوم مسكنا لآلاف اللبنانيين، كَبُرَ فيها أولادُهُم وترعرعوا.

ولا بد من التواصل مع الشقيقة سوريا لما فيه مصلحة لبنان العليا – لتأمين عبور صادراتنا الى الداخل طبعاً، ولإيجاد حلول لمشكلات ترسيم الحدود بين بلدينا والتهريب وعودة المهجّرين الى بلادهم.

ولا بد أيضاً من متابعة دعم المبادرة العربية للسلام وقيام دولة فلسطين المستقلة وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وحياة كريمة لهم حتى العودة الى ديارهم.

 لا يوجد أي جدل اليوم ولا أي اختلاف وجهة نظر في كون لبنان وطناً نهائياً لكل أبنائه. الخلاف القائم بين مكونات شعبنا ليس خلاف على محبة لبنان، بل هو خلاف على ما نراه يصبّ في مصلحة لبنان، فلا بد اذن ان نحترم آراء بعضنا البعض ونناقشها بتروّي ونعمل بإيجابية على تقريبها وتوحيدها.

كل اللبنانيين – كلهم بدون استثناء – يعانون من رداءة الوضع المعيشي ومن انقطاع الكهرباء ومن الازمة المالية ومن تلوث الطبيعة ومن كل الآفات التي نعيشها بدون تمييز. الكل يريد الشيء عينه: الراحة والطمأنينة والعيش الرغيد. يجب أن نبني على هذا القاسم المشترك لنحقق المزيد من السلم الأهلي، المزيد من الإصلاحات، المزيد من اللحمة بيننا.

لا شك في ان سلاح حزب الله وما يتأتى عنه من مفاعيل هو العنوان الأساسي للخلاف في مجتمعنا اليوم. لكن لا أحد من الأطراف، حتى ولا حزب الله نفسه، إلا ويعترف علنًا بأنه يجب أن نتوصّل الى حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية عاجلاَ أم آجلاً. إذن الخلاف ليس على حصر السلاح بيد الدولة، بل بكيف السبيل الى ذلك وخلال أي مهلة زمنية. وهذا يتطلّب حواراَ بنّاءً ليس على شاكلة الحوار الفولكلوري الذي اجري في السابق، بل عبر مفاوضات متواصلة وعملية تفضي الى خطوات صغيرة تدريجية تبني الواحدة منها على سابقاتها وتهدف الى بناء ثقة الأطراف ببعضها وتبديد هواجس الجميع تدريجياً.

 أعتَبِرُ ان الانتشار اللبناني في العالم هو كنزٌ للبنان لم نتعامل مَعَه كما يجب. انا مغترب لبناني سكنت في دول المهجر ثلاثين سنة ولدي خطة للتواصل المفيد والمنتج مع الاغتراب لمصلحته ومصلحة لبنان. تجدون الخطة في الرابط الذي في النص.

وأخيراً لا آخراً، يهمّني أن أتكلم عن كنز لبنان الآخر وهو شبابُه، رجالاً ونساءً، لأعلن عن رؤيتي لإعادة تجربة المجمع اللبناني سنة ١٧٣٦، والذي افتخر بأن أجدادي مشايخ آل الحايك من بيت شباب شاركوا فيه، ولتطبيق هذه التجربة على كل ما يتعلق بتكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات ليصبح تعليمها مجانيا في كل مدارس لبنان وجامعاته.

لقد ناضلت في سبيل لبنان منذ صغري. في جامعاتي وفي المهجر وفي التجمعات السياسية والاجتماعية وفي عملي في الإدارة العامة وفي المحافل الدولية. لبنان استوطن في فكري واحتل قلبي. لبنان هذا، هو لبنان الرسالة، لبنان غنى التعددية، لبنان نشيد أناشيد سليمان الحكيم الذي وطأته قدمي السيد المسيح، لبنان الحرف والحضارة، لبنان المدينة المضاءة على التلة، لبنان زهرة الثقافة ونهضة العروبة.

لقد توالى على كرسي بعبدا لوقت طويل رؤساءً بدون رؤية ولا مخيّلة. رؤساءً يطالبون بحصص وزارية بدل أن يرأسوا الجميع. رؤساءً صناديقُ بريدٍ لمنعزلاتٍ محلية أو لدولٍ خارجية. أما حان الوقت لانتخابِ رئيسٍ يحاورُ العالمَ من الندّ الى الندّ؟ أما حان الوقت لانتخابِ رئيس يجمعُ ولا يفرّ؟ أما حان الوقت لانتخابِ رئيس يعيد للبنان رونقه؟

أحبائي، أهلي، أبناء وطني، أرز لبنان ليس من خشب. أنتم أرز لبنان. كل واحدٍ منكم أرزةٌ رائعةٌ على أراضيه وفي دنيا انتشارِهِ. ومثلما الأرزُ يقاومُ البردَ والعواصف، هكذا أنتم قاومتم كل الاحتلالات وصنتم وطنكم، وهكذا أنتم تقاومون حاضرًا الضغوطات النفسية والاقتصادية وحتى البيئية. إني جئت هنا اليوم لأطلبَ منكم أن تقاوموا مهزلة الانتخابات المعلّبة. جئت لأطلبَ منكم مساعدتكم لحثّ نوّابكم على تغيير مقاربتهم التقليدية لانتخابات الرئاسة. اطلبوا منهم أن يحكّموا ضمائرهم فينتخبوا الرؤيا والبرنامج الذين قدمتهما، لكي ننشرَ سويّةً شذى الأرز في ربوع هذا البلد وفي المعمورةِ كلها.

عن mcg

شاهد أيضاً

جلسة حوارية في الـ AUB حول التمكين الاقتصادي للمرأة في القطاع الصناعي في لبنان

أقام مركز المرأة في إدارة الأعمال، في كليّة سليمان العُلَيَّان لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *